صهيب-سامي-العماوي
عدد المساهمات : 8 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 07/04/2014
| موضوع: الفيزياء الكمية الإثنين أبريل 07, 2014 7:50 pm | |
| رغم أن الدلائل التي جاءت لاحقاً أثبتت فعلاً أن هينجز كان محقاً في طرحه هذه النّظرية, إلا أن النظرية الموجية للضوء لم تلق ترحيباً في بدايتها. هناك أسباب عديدة تلك التي دعت الساحة العلمية في ذلك الوقت لاستبعاد النّظرية الموجية للضوء, فمكانة نيوتن و انجازاته العلمية مقارنةً بنظيره هيجنز دعت العلماء إلى الانحياز لنظرية نيوتن . في الحقيقة هناك أيضاً سبب فيزيائي دعى العلماء لاستبعاد النّظرية الموجية, حيث أنه إذا كان الضوء موجه فكيف ينتقل في الفضاء بدون وسط مادي؟ إذ كان التصور السائد في ذلك الوقت أنّ كل الأمواج تحتاج لوسط مادي لانتقالها. في عام 1801م أجرى العالم يونج أول تجربة تؤكد الطبيعة الموجية للضوء, وهي تجربة الشق المزدوج [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تجربة يونغ للشق المزدوج, شكل (2).يسقط الضوء على شقينS1, S2من ثم فإن الشعاعين المارّين من هذين الشقين يحدث لهما تداخل كما يظهر في الشكل السابق. إن خاصية التداخل لا يمكن تفسيرها بدون افتراض الصفة الموجية للضوء. و هكذا يمكن تعريف التداخل بأنه عبارة عن اتحاد موجيتين لهما نفس الطول الموجي نابعتين من نفس المصدر ليكونّا مناطق مضيئة تتعاقب مع مناطق مظلمة تظهر بالتوالي على الشاشة كما في الشكل. و نظراً لأن الصفة الجسيمية للضوء لا يمكنها تفسير الأهداب المضيئة و المظلمة التي تظهر في عملية التداخل فإن النظرية الموجية كان لها الغلبة في تفسير طبيعة الضوء. و رغم أنّ الصفة الموجية قاصرة عن تفسير العديد من الظواهر الطبيعية إلا انّ الطبيعة المزدوجة (الجسيمية-الموجية), لم تطرح كخيار إلا مع ولادة فيزياء الكم.
[size=32] كلارك ماكسويل و فجر جديد للنظرية التقليدية للضوء[/size] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]جيمس كلارك ماكسويل (1831-1879), رائد النظرية الكهرومغناطيسيةالتقليدية. في سنة 1873م أدخل العالم كلارك ماكسويل علم الضوء و الفيزياء بـعامة إلى عهد جديد. فقد افترض ماكسويل أنّ الضوء ما هو إلا شكل من أشكال الأمواج الكهرومغناطيسية ذات الترددات العالية و بالتالي فكل الأمواج الكهرومغناطيسية لها سرعة الضوء. و لقد أثبت ذلك نظرياً عن طريق الاستنتاج الرياضي لأربع معادلات تشير إلا أنّ الضوء عبارة عن مركبتين متعامدتين أحدهما مركبة المجال الكهربي و الأخرى مركبة المجال المغناطيسي.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]شكل (4), المجال الكهربي و المجال المغناطيسي يظهران كمركبتين متعامدتين على بعضهما طبقاً لتفسير ماكسويل, شكل(4). على اليمين يظهر التراكب بين مركبتي المجالين الكهربي و المغناطيسي حيث تظهر الموجة الكهرومغناطيسية مكونة من كلا المركبتين التي تظهران منفصلتين على اليسار.و هكذا أصبح المجال الكهرومغناطيسي المصاحب للشحنة الكهربائية شكلاً من أشكال المادة. و بإضافة التقدم الذي أحرزه ماكسويل إلى مبادئ الحركة التي وضعها نيوتن, أصبح اسم الثنائي(نيوتن-ماكسويل) في علم الطبيعيات يشير إلى النظرية الكهرومغناطيسية للطيف قبل دخول فكرة التكميم "Quantization idea".
و بعد فترة هدوء نسبي لم تدم طويلاً حول التساؤل الأكثر جدلاً عن ماهية الضوء, بدأت تلوح في سماء عِلم الطبيعة عدة ظواهر لم تجد لها أي تفسير في نظرية "نيوتن-ماكسويل".
[size=32] ظواهر فيزيائية أظهرت قصور النظرية التقليدية للضوء[/size] كانت أولى الظواهر المحيرة تتمثل في تحرر إلكترون من المعدن لدى سقوط شعاع ضوئي بتردد معين عليه, و قد عرفت الالكترونات التي تتولد بهذه الطريقة بالإلكترونات الضوئية و عرفت الظاهرة بالتأثير الكهروضوئي"Photoelectric effect" و قد اكتشفت الظاهرة لأول مرة في عام 1887م حيث اكتشفها العالم هيرتز و ظلت بدون تفسير حتى تمكن ألبرت أينشتاين من تفسيرها باستخدام فكرة الكمات الضوئية " الفوتونات" و ذلك في عام 1905م. و من ثم ظهرت مشكلة الإشعاعات المستمرة للجسم الأسود و أيضاً فالطيف المستمر للجسم الأسود رغم بساطة الظاهرة إلا أنّها لم تجد أي تفسير بالاعتماد على تفسير الطيف كإشعاع كهرومغناطيسي .طيف الأشعة السينية التي اكتشفت في عام 1895م ظل بدون تفسير حتى تم تفسيره في ظل الكمات الضوئية*.[size=32] الطيف المستمر للجسم الأسود[/size] يعرف الجسم الأسود في الفيزياء بأنّه جسم يمتص كل الأشعة الساقطة عليه من الخارج و يقوم أيضاً بإصدار الأشعة عند مختلف الترددات. عند درجة حرارة معينة, تبعث الأجسام إشعاعات تسمى الإشعاعات الحرارية. و عندما تكون درجات الحرارة منخفضة لا يكون التوهج شديداً و يكون تردد الإشعاع عند إذ منخفضاً, مع زيادة درجة الحرارة يبدأ الجسم بالتوهج و يزداد تردد الإشعاع الصادر تبعاً لذلك و يصبح لون الجسم مائلاً للون الأحمر و مع زيادة درجة الحرارة فإن اللون يصبح ابيضاً كما في فتيلة المصباح. إن طيف الإشعاع الناتج يسمى الطيف المستمر للجسم الأسود و يمكن رسمه كما في الشكل التالي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]شكل (5), الطيف المستمر النّاتج عن إشعاع الجسم الأسود, المركبة الرأسية توضح شدة الطيف u, كـ دالة في درجة الحرارة T و التردد v, حيث , T1>T2>T3. و يظهر أن أكبر شدة للطيف تناظر أعلى درجة حرارة ممكنة. و يقع تردد الطيف المستمر للجسم الأسود بين تردد الأشعة تحت الحمراء "Infrared" و فوق البنفسجية "Ultraviolet" . إن صدور هذا الطيف و زيادة تردد الإشعاع مع زيادة درجة الحرارة لم يجد تفسيراً ملائماً في النظرية الكهرومغناطيسية الكلاسيكية , نظرية "نيوتن-ماكسويل".محاولات عدة لتفسير طيف الجسم الأسود, كلها باءت بالفشل مبدئياً فقد حاول "فين" أن يتوصل لعلاقة تربط مابين " انخفاض الطول الموجي" و زيادة تردد الإشعاع بزيادة درجة الحرارة T و قد وجد العلاقة التالية تجريبياً الطول الموجي=مقدرا ثابت\T, حيث T هي درجة الحرارة, هذه العلاقة العكسية عرفت بمعادلة الإزاحة لـ فين. و قد تمكن فين من حساب قيمة الثابت و وجد أنه يساوي 2-^10 * 0.2898 بوحدة المتر. و رغم أنّ هذه العلاقة صحيحة و تثبت إزاحة قمة الطيف مع زيادة درجة الحرارة لكنها لا تفسر أي شيء بخصوص شكل الطيف, إذ هي ذاتها تحتاج إلى تفسير. فين أيضاً وضع علاقة نظرية تعتمد على معطيات الديناميكا الحرارية, حاول من خلالها تفسير شدة الطيف و هي كالتالي[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] حيث تظهر لدينا دالة أسية في الطرف الأيمن من هذه المعادلة التي يتناسب فيها شدة الطيف بشكل طردي مع زيادة التردد, و كل من A, B, ثوابت يتم تعيينها عملياً. عند مقارنة هذه العلاقة بالنتائج التجريبية وُجد أنّها تتفق مع النتائج التجريبية عند الترددات العالية فقط و لكن عند ترددات منخفضة تكون النتيجة سلبية.
فكر العالمان رايلي و جينز في وضع علاقة قد تكون ملائمة أكثر إذ افترض كلٍ منهما أن الجسيم الأسود يتألف من عدد من المتذبذبات التوافقية و التي ينتج عن حركتها مجتمعة موجه كهرومغناطيسية تتحرك حركة توافقية بسيطة يمكن وصفها بدالة جيبية "Sin أوCos", و بذلك فعند الاتزان الحراري يمكن أن نحصل على العلاقة التالية
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
حيث K هو ثابت يدعى ثابت بولتزمان. و بمقارنة هذه العلاقة بالنّتائج التجريبية, فإن النتيجة تكون جيدة فقط في نطاق الترددات الصغيرة أما بالنسبة للترددات العالية فهي تعطي نتيجة لا تتفق مع المنطق إذ تعني أنّ الإشعاع سيزيد إلى ما لانهاية و هو ما عرف بالكارثة فوق البنفسجية. و بهذا تكون فشلت المحاولات المبنية على أسس الفيزياء الكلاسيكية في تفسير نشؤ طيف إشعاع الجسم الأسود.
[size=32]ماكس بلانك و الفكرة الأكثر جرأةً في عالم الفيزياء[/size]
إن الخروج من مأزق إشعاع الجسم الأسود, خرج بعلم الفيزياء إلى عالم آخر لعلّه العالم الأكثر رحابة و الأكثر غموضاً في آن. إن تفسير إشعاع الجسم الأسود حدا بأحد العلماء أن يفترض فرضية جديدة , كانت الأكثر جرأةً و الأكثر قوةً, إذ استطاع أن يفسر من خلالها خصائص الضوء و بحرفية عالية, ليس هذا فقط بل فسرت هذه النظرية, الظواهر الأكثر جدلاً في الفيزياء. فماذا تراه افترض بلانك؟
| |
|