موسى
عليه السلام
عليه السلام
رابعا : فرار موسى عليه السلام إلى مدين ([1]) - بداية المرحلة الجديدة ( مرحلة الإستواء ) – المرحلة الوسيطة بين ما قبل الرسالة وما بعد الرسالة
شب موسى عليه السلام في رعاية دينية ودنيوية على يدي خير نساء الأرض([2]) وأتقاهن فقد أرضعته أمه إمرأت عمران دين إبراهيم واسحق وإسماعيل ويعقوب ويوسف عليهم السلام وأرضعته كره الكفر وأرضعته كره الظلم ونصرة الضعيف والمستضعف([3]) وأرضعته الحنان والحب وأرضعته حب قومه
الموحدين كما كان في ذات اللحظة ينشأ أميرا في قصر أمنحتب الثالث ( فقد أصبح ابن الفرعون وولده )([4]) ونشأ وتربى بين ظهراني آل فرعون وتحت سمع وبصر فرعون بذاته فتعلم علومهم الدينية والدنيوية على حد سواء وتمرس على فنون قتالهم حتى أصبح جلدا قويا لا يباريه أحد إلا غلبه ولا يجاريه أحد في أمر إلا سبقه وحظي بكل ما يحظى به الأمراء وكل ذلك دفعا من أمه الملكة آسية وما كان ذلك إلا تدبيرا من الله عز وجل
فتمرس على القيادة ولا أستبعد أنه استلم مراكز قيادية في إدارة الدولة([5]) فكان ذلك القائد الخبير الأريب عن علم ومعرفة ومما ساعد ذلك قبول الناس وحبهم له ([6]) وما كان ذلك كله ليصير إلا بمشيئة الله عز وجل وحده وصناعته فقد كانت ترقبه العناية الإلهية وتسير أمره ولم تتركه وحيدا تتلاطمه أمواج كفر آل فرعون بل كانت كالسفينة تنقله من أمان لأمان وحملته من الكفر إلى الإيمان والإسلام فاختار الآخرة الباقية على نعيم الدنيا الزائلة وملكها وهذه هي صناعة الله عز وجل ليكون موسى عليه السلام الرسول العظيم .
أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي ﴿طه: ٣٩﴾
وكان كل ذلك يزيد من استعار أفئدة حساده وتحديدا الملكة تي وابنيها فاحتقنوا عليه غلا وحقدا وحسدا وزاد كمدهم وحزنهم مما آل إليه ([7])
نقطة التحول …
مات ولي عهد أمنحتب الثالث الأمير تحتمس ( أو أغتيل([8]) )
فانتصر نبي الله موسى عليه السلام للإسرائيلي الذي من شيعته على رجل من آل فرعون الذي من عدوه فقتله بوكزة واحدة وبعدها تسارعت الأحداث …
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ([9]) وَاسْتَوَىٰ([10]) آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ([11]) ﴿١٤﴾ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ ([12])مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ﴿١٥﴾ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿١٦﴾ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ ﴿١٧﴾ فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ۚ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ ﴿١٨﴾ فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ﴿١٩﴾ وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴿٢٠﴾ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿٢١﴾ القصص
... عندما بلغ موسى عليه السلام أشده([13]) واستوى أوتي الحكم والعلم([14]) وأصبح في تلك اللحظة قادرا ومهيأ لمرحلة جديدة للإنتقال لها
بداية المرحلة الجديدة ( المرحلة الوسيطة بين الدعوة واللادعوة) ...
وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا
ودخل : كأنه كان خارجها أو أن قصر الفرعون خارجها وقد يكون على أطرافها فقد كان يسكن موسى عليه السلام مع أمه ( آسية ) في قصور الفرعون([15]) ، ولا ننسى أن الذي جاء يحذره من آل فرعون جاء من أقصى المدينة ( طرفها ) والدخول يكون من باب معين وفي العادة يكون على الباي حارس لها فمن البدهي أن تكون بوابات المدينة على أطرافها([16]).
في المدينة([17]) : المدينة تحتوي عدد من الديانات أحدها دين التوحيد دين بني إسرائيل ( كما وضحنا في بحث الفرق بين القرية و المدينة ) ومصطلح المدينة يوحي على وجود صراع بين فئتين دينيتين بين أهل التوحيد ممثلين ببني إسرائيل وآل فرعون والمدينة المقصودة هي مدينة الصولجان مدينة طيبة عاصمة أمنحتب الثالث قبل أن تنتقل العاصمة في عهد ولده أخناتون إلى أخيتأتون ، ولذلك لا أستبعد فرضية اغتيال تحتمس ولي عهد أمنحتب الثالث لإحداث فتنة بين الطائفتين على يد طائفة من بني إسرائيل التي كانت منهاجها وشرعها القتل ولو كان غيلة والحرب([18]) ومنهم الغوي الإسرائيلي الذي سنتحدث عنه لاحقا إن شاء الله عز وجل .
على حين : فترة زمنية توحي – سياق الأحداث – أنها في ساعة متأخرة من الليل
غفلة([19]) : توقف المتابعة والرعاية والانتباه والتدبير والتحكم والضبط لشيء ( كليا ) بسبب أن التركيز والإهتمام والإنتباه الكلي أصبح متجها نحو شاغل([20]) شغل مستقبلاتهم الحسية الخارجية أو تعطلها ( قد يكون مدبر([21]) أو غير ذلك ([22])) مما يسبب حالة من الإرباك والفوضى العامة وحالة من عدم الإنضباط أو الإتزان في المدينة و الخروج عن السيطرة .
ومما يوحي أن حالة الغفلة المؤقتة التي أصابت المدينة([23]) أنها فعل مدبر وأنها مفتعلة تخلخل الأمن و النظام في ( ذلك الحين ) .
قتل تحتمس ولي العهد؟! واقتتال الذي من شيعة([24]) موسى عليه السلام مع الذي من عدوه([25]) وإصراره في اليوم التالي على الإقتتال([26]) مع فرعوني آخر
الذي من شيعته : هم طائفة من شيعة موسى عليه السلام التي تؤيده وهم طائفة تؤيد الحرب والإقتتال ( وليس كل جماعة موسى عليه السلام تؤمن بذلك ) و كانوا يرون أحقية موسى بولاية العهد لإعادة ملك بني إسرائيل المسلوب من آل فرعون .
فالسؤال المحور([27]) الذي يتراود لنا :
ما هو الشاغل الجلل الذي أدى إلى غفلة المدينة كاملة بكل طوائفها الدينية والقومية في ( ذلك الحين ) ؟
عند استقراء التاريخ فإني لم أجد أن مدينة طيبة أصابتها الغفلة كاملة إلا بعد موت ولي عهد أمنحتب الثالث ( الأمير تحتمس – اغتياله واختفاء ذكره من التاريخ فجأة ) واستمرت هذه الغفلة حتى تولية ولي عهد آخر وهو أمنحتب الرابع وصعود نجمه الآفل والغير معروف من قبل حتى استقر الأمر وأستتب النظام من جديد .
فالحين من الزمن : كانت وقت موت ( إغتيال ) تحتمس ابن أمنحتب الثالث وولي عهده ووجود وليي عهد يتنافسان على ولاية العهد موسى عليه السلام و أمنحتب الرابع وامتدت زمنيا حتى هروب موسى عليه السلام إلى مدين وتولية أمنحتب الرابع ولاية العهد .
إذن فالأحداث تسارعت بعد موت ولي العهد تحتمس ( اغتياله ) حيث أصبحت عاصمة أمنحتب الثالث ( طيبة ) تعج وتلج بالفوضى والاضطراب وانقسم أهل المدينة لشيعتين شيعة تؤيد ولاية عهد موسى ابن آسية وشيعة تؤيد أمنحتب الرابع ابن الملكة تي وبسبب هذا التشاحن لابد أنه أصبح هناك نقاط تشابك وتعارك بين الفريقين في أرجاء المدينة .
وصادف في تلك الأجواء المملوءة بالاضطراب والتنازع والفوضى في ذلك الحين أن موسى عليه السلام دخل المدينة ليلا وعند مدخلها تحديدا شاهد رجلين واحد من شيعته([28]) ( من فريقه المؤيد لولاية عهده ) ورجل من عدوه ومنافسه ( الفريق المؤيد لولاية عهد أمنحتب الرابع ) ، يتقاتلان فاستغاثه ([29])الذي من شيعته على الذي من عدوه ، ولكن الملاحظ أن الغلبة كانت للذي من عدوه فكأنه كان متمرسا على القتال أو مسؤولا عن الأمن (أو المسؤول عن دخول وخروج الناس من بوابة المدينة ) بسبب أن الإقتتال كان على أطراف المدينة ( مدخل المدينة([30]) ) وبعيدة عن مساكن الناس وهناك عادة ً يتواجد الحرس والعسس والجلاوزة ، وساعة الإقتتال حدثت في وقت متأخر من الليل بدليل انه لم يكن سوى ثلاث أشخاص في ذلك الموقف الذي يحتاج فترة طويلة نسبيا من الزمن ( مشاجرة الإسرائيلي والفرعوني ثم مجيء موسى عليه السلام وقتله للفرعوني )
( مع أن المكان هو مدخل المدينة والأصل أن يعج بالناس الداخلة والخارجة للمدينة ) ولكن فترة دخول موسى عليه السلام المدينة كانت في آخر في ساعة متأخرة من الليل وهي الفترة التي لا يوجد فيها أو تقل حركتهم ، وهي أفضل الساعات لقتل الحارس الأمني الفرعوني غيلة من قبل الإسرائيلي لكي يتستر عليه الليل ([31]) .
﴿ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ﴾ … فحال دخول موسى عليه السلام للمدينة وجد رجلين يقتتلان
الإقتتال كان على أشده حتى أن الذي من شيعته ( قد يكون له ضلع في قتل ولي العهد) وأراد أن يغتال الحارس الأمني للمدينة المتطرف على أطراف المدينة ولكن لم تأتي الرياح كما يشتهي فعصفت عكس ما تمناه وأراد وكانت الغلبة للفرعوني فتشبث وتمسك به بشدة فكان في شدة وضيق وضنك شديدين لم يستطيع الفكاك منه ولم يستطع حتى موسى عليه السلام الذي بلغ أشده إبعاد الذي من عدوه إلا بالوكز .
وما كان يحسب موسى عليه السلام أن تلك الوكزة تؤدي إلى موت الذي من عدوه فلم يكن في باله أو خاطره أو كان مخططا للقتل أساسا وهو أصلا لم يكن أحد أطراف الإقتتال الدائر ولا يعرف سبب الإقتتال – إلا أنه كان يعرف جيدا الذي من شيعته وإلا كيف انتصر له فور طلبه الإستغاثة .
فقضى([32]) موسى عليه السلام على الفرعوني أي حكم بين المتخاصمين وقدر ونفذ حكمه بالإعتماد على ظنه([33]) واستعجله الشيطان ولم يستند لشرع الله عز وجل ومنهاجه قبل الوكز ؟! .
… نبي الله موسى عليه السلام بعدما قتل الإسرائيلي تدارك الوضع اعترف بخطئه ونسب فعله 1لنفسه و2للشيطان وطلب من الله عز وجل أن يغفر له ( فغفر الله عز وجل له ) وألزم نفسه بقسم بأنه سيُحكّم شرع الله ومنهاجه في حكمه وأنه لن يستخدم قوته ( التي استخدمها في قتل الفرعوني ) في نصرة وعون المجرمين([34]) .
… وهنا ( اعتراف ضمني أن الذي من شيعته كان خارجا عن الشريعة المأمورين بها وكل من لا يطبق الشريعة في هذا الباب يكون من المجرمين الكافرين([35]) ) ، وكأن الشريعة و المنهاج التي كانوا يسيروا عليها بني إسرائيل ومنهم موسى عليه السلام تحرم الفتنة والقتل والخروج على الحاكم - وهي شريعة الله عز وجل؟! إلا إذا كان مكرها أو عن غير قصد – ولذلك غفر الله عز وجل له ، بينما كانت شريعة الذي من شيعته تستند إلى الحرب والقتل فهم يعبدون العجل بوخيس إله الحرب والقتال وهي عباد وثنية مصرية ولذلك حكم موسى عليه السلام على فعل الرجل الغوي بأنه من المجرمين الكافرين .
﴿فَلَنْ أكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ تفسير البغوي - إحياء التراث (3/ 527)
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِسْرَائِيلِيَّ الَّذِي أَعَانَهُ مُوسَى كَانَ كَافِرًا، وَهُوَ قَوْلُ مقاتل
والملاحظ أن شريعة موسى عليه السلام التي جاءت ناسخة لشرع بني إسرائيل حتى ( أمر الله عز وجل دخولهم الأرض المقدسة ) كانت تحرم الفتنة والقتل والخروج على الحاكم وتعد من فعل ذلك أنه من المجرمين وكان سبيلها الوحيد الدعوة إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة .
قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴿الأعراف: ١٢٨﴾ … لم يزد عن اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا
ولم يؤمر بني إسرائيل بقتال أعدائهم أو قتلهم ولو حتى غيلة إلا بعد التيه أي خارج مصر([36]) ، مع أن بني إسرائيل كانوا متغلغلين في جميع ثنايا دولة فرعون وكان منهم حتى الخدم الخاص لفرعون وآله .
… وحتى رسالة التكليف من الله عز وجل لموسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون …
﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ ﴿٤٤﴾ …. وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ ﴿٤٧﴾طه
ومن وضوح سلمية دعوة موسى عليه السلام
في الآيات التالية إشارة قوية إلى النزاع على الحكم والأرض بين قوم بني إسرائيل وآل فرعون … نلاحظ الفرعون أخناتون كيف يلوي رقاب الحقيقة ويلتف عليها كثعبان ويدعي أن قوم موسى عليه السلام عجزوا بالقوة عن الوصول للحكم والإستيلاء على الأرض فجاء موسى عليه السلام ( ومن خلفه قومه ) (بطريقة أخرى - السحر ) لإخراجكم
o يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴿الأعراف: ١١٠﴾
o يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴿الشعراء: ٣٥﴾
o قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ ﴿طه: ٥٧﴾
ولكن يكون رد موسى عليه السلام ( سلميا وأن ما يقول به فرعون ويدعيه ليس من دعوته ولا دينه ) فيقول ليست غايته الحرب والقتال أو طمعا بالحكم و الأرض وإنما نشر دعوة التوحيد وما أدل على ذلك فإن يطلب من فرعون السماح لبني إسرائيل الخروج من مصر وترك الحكم و الأرض له ولآله ؟
حَقِيقٌ عَلَىٰ أَن لَّا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴿الأعراف: ١٠٥﴾
عودة…بعد قتله الحارس الليلي في تلك الليلة … كأن موسى عليه السلام لم يبت ليلته متوجسا خائفا من أن يشيع خبر قتله للفرعوني من المجرم الإسرائيلي([37]) الكافر فيجر عليه الويلات ، فخاف موسى عليه السلام من أن يفشي سره فالمجرمين لا يحفظوا الود ولا يستأمنون على سر ويخونون لمصالحهم ولو ساعده موسى عليه السلام أو كان من شيعته([38]) فلا أمان لمجرم كافر ؟!
ومما زاد تقلب هواجسه واضطرابها مكانة الفرعوني المقتول ومنصبه والزمن الذي حدث فيه القتل ( فالمدينة لا زالت في حالة من الترقب والإنتظار مضطربة ومشتعلة لم تهدأ بعد مقتل تحتمس ولي العهد ) ، فاضطربت نفسه وأصابها الهم و الغم والحزن ، فخاف بأن يرموه بجريمتين جريمة قتل الفرعوني وجريمة قتل ولي العهد تحتمس .
… خرج موسى عليه السلام في الصباح – قبل طلوع الشمس قبل وقت حركة الناس يترقب([39])والخوف يملأ قلبه ليستمع ما ستتناقله ألسنة الناس من أخبار وما حدث في الليل عند باب المدينة ...!
فوجد نفس الإسرائيلي الذي استغاث به ليلة الأمس وانتصر له ( يستصرخه([40]) وهو ممسوك من فرعوني آخر ( حارس النهار ) عند جثمان الفرعوني المقتول ( حارس الليل ) ويضربه ولا يستطيع الإفلات أو النجاة منه فهذا الذي من شيعته لم يكتفي بمحاولة قتل الحارس الأول ولكنه بقي في مكانه يتربص الحارس الثاني([41]) الذي يستلم مكانه في النهار وكأن ساعة تبديل الأدوار بين الحارسين قبل الصبح بقليل وتصادفت([42]) ساعة دخول موسى عليه السلام المدينة صباحا يترقب .
… فقال موسى عليه السلام للإسرائيلي إنك لغوي([43]) مبين([44]) فلما أراد أن يبطش([45]) بالحارس الثاني النهاري ليبعده عن الذي من شيعته ظن الذي من شيعته أن موسى عليه السلام بعزيمته وقوته وبأسه الذي بدت عليه أنه أراد أن يقتله هو فقال له أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ( ودليل على أن الذي قال أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس هو الغوي المبين أنه لا يوجد شاهد على حادثة القتل السابقة إلا الله عز وجل وموسى عليه السلام والذي من شيعته الغوي المبين ) … ويكمل الغوي المبين …
إنما تريد إلا أن تكون جبار من الجبابرة كفرعون الذي يقتل أبناء شعبك ويستحيي نساءهم ولا تريد أن تكون من المصلحين ( أي أنك لا تريد أن تكون مع تيار الغوي المجرم وطائفته الذين يبيحون الحرب والقتال([46]) ضد فرعون وآله – فهو يصف نفسه أنه من المصلحين ) الذين يرفعون البلاء عن شعبهم([47]).
… وهنا كانت القاصمة فقد شاع خبر قتل الذي من عدوه على يد موسى عليه السلام فلا موسى يستطيع قتل الذي من عدوه ( لأنه محرم في شرعه ) ولا يستطيع كتمان الخبر فانطلق الذي من عدوه لفرعون وآله يستطير بالخبر ويشيع ويذيع ([48])
﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴿٢٠﴾ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿٢١﴾ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴿٢٢﴾ القصص
تآمر الملأ على موسى عليه السلام (المسؤولين على إظهار موسى عليه السلام ومن معه بصورة المتآمرين المجرمين الخارجين عن القانون لفرعون
)
فبعدما كُشف أمر موسى عليه السلام بقتله للفرعوني ( الحارس الليلي ) استغلت الملكة تي وابنها أمنحتب الرابع واتباعهما ( الملأ وليس فرعون ) بإلصاق تهمة التآمر والمشاركة في ( إغتيال الأمير تحتمس و الحارس الليلي ) لموسى عليه السلام ورموه بتهمة تكوين ( جماعة لقلب نظام الحكم والاستيلاء عليه ) مما أدى لهروب موسى عليه السلام إلى مدين ([49])، وقيام فرعون وآله بعملية ( تطهير ) قتل كل من أتهم بمعاونة موسى عليه السلام ومساعدته وتواطأ معه على حد زعمهم ومنهم ( آسية بنت مزاحم([50]) ) ( وهذه هي المؤامرة التي كان الملأ يدبرونها على موسى التي حذره منها الرجل الذي جاء من أقصى المدينة([51]) ) .
خاتمة
ركزت في بحث موسى عليه السلام قبل الرسالة وجود موسى عليه السلام في مصر قبل رسالته وتحديدا منذ ولادته وحتى هروبه إلى مدين وأسأل الله عز وجل أن يعينني ويمدني بالصحة والعافية و العمر على تكملة البحث ويتضمن
- فترة جود موسى عليه السلام في مدين
- وفترة موسى عليه السلام بعد الرسالة
والله أعلم
نهاية السلسة …………
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (6/ 237)
فَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَصَارَ مِنَ الرِّجَالِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَخْلُصُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي إسرائيل معه بظلم ولا سخرة حتى امتنعوا كل الامتناع، فبينا مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- يَمْشِي فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ إِذْ هُوَ بِرَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ أَحَدُهُمَا فِرْعَوْنِيٌّ وَالْآخَرُ إِسْرَائِيلِيٌّ، فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ فَغَضِبَ مُوسَى- عليه السلام- غضباً شديداً؟ لأنه تناوله وَهُوَ يَعْلَمُ مَنْزِلَةَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنْ بني إسرائيل وحفظه لهم لا يَعْلَمُ النَّاسُ إِلَّا أَنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا أُمُّ مُوسَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- أَطْلَعَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنْ ذلك على ما لم يطلعه عَلَيْهِ غَيْرَهُ، فَوَكَزَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- الْفِرْعَوْنِيَّ فَقَتَلَهُ وَلَيْسَ يَرَاهُمَا أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ- عَزَّ وجل- والإسرائيلي. فَقَالَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- حِينَ قَتَلَ الرَّجُلَ (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مبين) ثم قال (رب إني ظلمت) إلى قوله (إنه هو الغفور الرحيم) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ الْأَخْبَارَ فَأُتِيَ فرعون فقيل: إن بني إسرائيل قد قتلوا رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فَخُذْ لَنَا بِحَقِّنَا وَلَا تُرَخِّصْ لَهُمْ. فَقَالَ: ابْغُونِي قَاتِلَهُ وَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ "فَإِنَّ الْمَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَفْوُهُ مع قومه لا يستقيم له أن يقيد بغير بينة ولا ثبت فَانْظُرُوا فِي عِلْمِ ذَلِكَ آخُذْ لَكُمْ بِحَقِّكُمْ. فبينا هم يطوفون، لا يجدون ثبتاً، إذا موسى- عليه السلام- قد رأى من الغد ذلك الإسرائيلي يقاتل رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ آخَرَ فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ فَصَادَفَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَدْ نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فَكَرِهَ الَّذِي رَأَى فَغَضِبَ الْإِسْرَائِيلِيُّ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْطِشَ بالفرعوني فقال للإسرائيلي لِمَا فَعَلَ أَمْسَ وَالْيَوْمَ: (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) . فَنَظَرَ الْإِسْرَائِيلِيُّ إِلَى مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- بَعْدَمَا قَالَ لَهُ مَا قَالَ، فَإِذَا هُوَ غَضْبَانُ كَغَضَبِهِ بِالْأَمْسِ الَّذِي قَتَلَ بِهِ الْفِرْعَوْنِيَّ؟ فَخَافَ أن يكون بعد ما قال له: (إنك لغوي مبين) إِيَّاهُ أَرَادَ، وَلَمْ يَكُنْ أَرَادَهُ إِنَّمَا أَرَادَ الْفِرْعَوْنِيَّ فَخَافَ الْإِسْرَائِيلِيُّ فَحَاجَزَ الْفِرْعَوْنِيَّ فَقَالَ: يَا مُوسَى، أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بالأمس. وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنْ يَقْتُلَهُ فَتَنَازَعَا فَانْطَلَقَ الْفِرْعَوْنِيُّ إِلَى قَوْمِهِ
إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (6/ 238)
فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا سَمِعَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيِّ مِنَ الْخَبَرِ حِينَ يَقُولُ: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ. فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ الذَّبَّاحِينَ لِيَقْتُلُوا مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَأَخَذَ رُسُلُ فِرْعَوْنَ الطَّرِيقَ الْأَعْظَمَ يمشون على هيئتهم يَطْلُبُونَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَهُمْ لَا يَخَافُونَ أَنْ يَفُوتَهُمْ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ شِيعَةِ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ فَاخْتَصَرَ، طَرِيقًا قَرِيبًا حَتَّى سَبَقَهُمْ إِلَى مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فأخبره الخبر- فَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ - فَخَرَجَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- مُتَوَجِّهًا نَحْوَ مَدْيَنَ لَمْ يَلْقَ بَلَاءً قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِالطَّرِيقِ إِلَّا حُسْنُ الظَّنِّ بِرَبِّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- فَإِنَّهُ قَالَ: (عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السبيل وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً من الناس يسقون) إلى تذودان - يعني بذلك حابستين غنمهما- فقال لهما: ما خطبكما مُعْتَزِلَتَيْنِ لَا تَسْقِيَانِ مَعَ النَّاسِ؟ قَالَتَا: لَيْسَ لَنَا قُوَّةٌ نُزَاحِمُ الْقَوْمَ وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ فُضُولَ حياضهم. فسقى لهما فَجَعَلَ يَغْرِفُ بِالدَّلْوِ مَاءً كَثِيرًا حَتَّى كَانَتَا أول الرعاء فراغاً، فانصرفا بِغَنَمِهِمَا إِلَى أَبِيهِمَا، وَانْصَرَفَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَاسْتَظَلَّ بِشَجَرَةٍ وَقَالَ: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إلي من خير فقير) . فاستنكر أبوهما سرعة صدورهما بغنمهما حفلا بطاناً. فقال: إن لكما اليوم لشأن فأخبرتاه، بما صَنَعَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَأَمَرَ إِحْدَاهُمَا أَنْ تَدْعُوَهُ لَهُ، فَأَتَتْ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ-
فَدَعَتْهُ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ: لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القوم الظالمين، لَيْسَ لِفِرْعَوْنَ وَلَا لِقَوْمِهِ عَلَيْنَا سُلْطَانٌ وَلَسْنَا فِي مَمْلَكَتِهِ. قَالَ: فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ. فَاحْتَمَلَتْهُ الْغَيْرَةُ عَلَى أَنْ قَالَ: وَمَا يُدْرِيكِ مَا قُوَّتُهُ وَمَا أَمَانَتُهُ؟ قَالَتْ: أَمَّا قُوَّتُهُ: فما رأيت في الدلو وحين سَقَى لَنَا لَمْ أَرَ رَجُلًا قَطُّ فِي ذلك المسقى مِنْهُ، وَأَمَّا أَمَانَتُهُ فَإِنَّهُ نَظَرَ إِلَيَّ حِينِ أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ وَشَخَصْتُ لَهُ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنِّي امرأة صوب رأسه، فلم يَرْفَعْهُ وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ حَتَّى بَلَّغْتُهُ رِسَالَتَكَ، ثُمَّ قَالَ لِي: امْشِي خَلْفِي وَانْعِتِي لِيَ الطريق، فلم يَفْعَلْ هَذَا إِلَّا وُهُوَ أَمِينٌ. فَسُرِّيَ عَنْ أبيها وصدقها وظن به الذي قالت، فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابنتي هاتين) إلى قوله (من الصالحين) فَفَعَلَ فَكَانَتْ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ مُوسَى- عَلَيْهِ السلام-
إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (6/ 239)
ثَمَانِي سِنِينَ وَاجِبَةٌ، وَكَانَتْ سَنَتَانِ عِدَّةٌ مِنْهُ فَقَضَى اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- عَنْهُ عِدَّتَهُ، فَأَتَمَّهَا عَشْرًا- قَالَ سَعِيدٌ: فَلَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي أَيُّ الأجلين قضى موسى- عليه السلام قلت: لا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ لَا أَدْرِي، فَلَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ ثَمَانِيًا كَانَتْ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَاجِبَةً، لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ اللَّهِ لِيَنْقُصَ مِنْهَا شيئاً وتعلم أن الله- عز وجل- كان قَاضِيًا عَنْ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ- عِدَّتَهُ الَّتِي وَعَدَ؟ فَإِنَّهُ قَضَى عَشْرَ سِنِينَ. فَلَقِيتُ النَّصْرَانِيَّ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ. فَقَالَ: الَّذِي سَأَلْتَهُ فَأَخْبَرَكَ أَعْلَمُ مِنْكَ بِذَلِكَ. قُلْتُ: أَجَلْ وَأَوْلَى.
([2]) الأولى إمرأت عمران أمه البيولوجية : إمرأة أوحى الله لها كرامة لها ولابنها والأخرى هي من فضلى الناس وأكرمهن واكملهن كما وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم تكفلت وتبنت موسى عليه السلام آسية بنت مزاحم .
- إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ ﴿طه: ٣٨﴾ … إمرأت عمران
- وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿التحريم: ١١﴾ … إمرأت فرعون– آسيا بنت مزاحم
- التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (10/ 121)"أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون"(صحيح)
- التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (10/ 199)"كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء: إلا مريم بنت عمران وآسية - امرأة فرعون - وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام" ( صحيح )
([3])
- وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ﴿القصص: ١٥﴾
- وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴿القصص: ٢٣﴾
([4]) أصبح موسى عليه السلام في قصر فرعون ولدا من أولاده .
وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿القصص: ٩﴾
([5]) وإلا كيف استطاع أن يقود أمة أقل ما يقال في شأنها أنها أمة متمردة تأبى الإنضباط وتكره الإيمان وتهوى الكفر والفسوق والعصيان
([6]) الجامع الصغير وزيادته (ص: 259) " إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال : إني أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول : إن الله تعالى يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض و إذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول : إني أبغض فلانا فأبغضه فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء : إن الله يبغض فلانا فأبغضوه فيبغضونه ثم يوضع له البغضاء في الأرض " ( صحيح )
([7]) أشرت إلى ذلك في الجزء الثالث
([8]) لا أستبعد ذلك فالأحداث بدأت بالتسارع بعد موته وكأنها أحداث مدبرة … تلفيق التهم لموسى عليه السلام وهروبه لمدين و خلال هروبه يتم قتل آسيا وأتوقع تم اغتيال أمنحتب الثالث نفسه وتولية أمنحتب الرابع ابنه مكانه ولا ننسى أنه كان هناك صراع ديني في المدينة
([9]) العمر الذي يكون فيه المرأ أقوى جسدا وعلما خلال فترة حياته
([10]) ( راجع بحث الإستواء )أصبح مهيئا وصالحا وقادرا للمرحلة الجديدة ( فهي مراحل ومحطات في حيات موسى عليه السلام ) وهي بداية نهاية مرحلة مكثه في قصر الفرعون أمنحتب الثالث وانتقاله لمدين .
([11]) وهذا دليل على أن موسى عليه السلام قبل بعثته كان من العباد : فالإحسان أعلى درجات العبادة
([12]) الوكز : لكمه وضربه بجمع قبضة يده على صدره أو ذقنه ( في منطقة محددة قاتلة )
([13]) بلوغ الأشد تبدأ من بداية سن البلوغ والإحتلام والرشد إلى سن الشيخوخة ( راجع بحث المراحل العمرية في الإنسان )
([14]) لم يؤت بعد الرسالة ولكنه دليلا على أنه كان في تلك اللحظة موحدا لله عز وجل ويتبع ملة آبائه إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب ويوسف عليهم السلام من قبله فقد تشرب التوحيد الحق من بيت عمران ، ومما يؤكد ذلك أيضا ... عندما وكز الذي هو من عدوه فقتله فندم واسترجع وتاب إلى الله عز وجل وحده
﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿١٦﴾ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ ﴿١٧﴾القصص
([15]) وقد يكون آتيا من عند بيت عمران بيت أبيه فبيوت بني إسرائيل التي تقع أيضا على أطراف المدينة في الجهة المقابلة لبيوت آل فرعون فدخل المدينة خلسة
([16]) وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴿يوسف: ٦٧﴾
([17]) المدينة : ذات أعمدة وبناء مسكونة ، وذات ديانات ومناهج متعددة بعكس القرية ذات دين ومنهج واحد لجميع أهلها .( راجع بحث الفرق بين المدينة و القرية )
([18]) منهاج وشرع بني إسرائيل و منهاج وشرع موسى عليه السلام عكس منهاج وشرع هذه الطائفة لم تكن تنادي إلا الدعوة بالمعروف والقول اللين والصبر على العذاب وسنوضحها لاحقا إن شاء الله عز وجل
([19]) هناك ساعات تزداد فيها الغفلة : بعد العمل الشاق وآخر الليل ، وهي الوقت المحتمل الذي دخل موسى عليه السلام فيه للمدينة
([20]) قد يكون أقل شأنا من الشيء المُتابع ( كالدنيا التي تشغل وتُلهي عن عمل الآخرة )
وقد يكون أعظم شأنا من الشيء المتابع مثل الغافلات ( اللواتي أشغلهن الحلال عن الحرام )
([21]) محاولة لتغيير نظام الحكم ، أو إغتيال أحد أركانه
([22]) موت فجائي للحاكم الظالم أو العادل على حد سواء
([23]) مدينة طيبة عاصمة أمنحتب الثالث
([24]) الشيعة : ليس شرطا أن يكونوا كلهم إسرائيليين أو على نفس ملة موسى عليه السلام بدليل وجود مؤمن آل فرعون وآسية وغيرهم لا نعلمهم الله عز وجل أعلم بهم ووجود الغوي الذي من بن إسرائيل ولكنه كان يعبد العجل ولكن لغلبة عدد الإسرائيليين على غيرهم نقول أحيانا الإسرائيلي
([25]) ليس شرطا أن يكونوا كلهم من آل فرعون أو على نفس ملة فرعون بدليل وجود قارون وغيرهم لا نعلمهم الله عز وجل أعلم بهم ووجود أناس من مختلف الديانات الشركية التي كانت سائدة في مصر ولكن لغلبة عدد آل فرعون على غيرهم نقول أحيانا الفرعوني
([26]) شريعة بني إسرائيل وشريعة موسى عليه السلام غير ذلك
([27]) أجبنا عليه بطريقة غير مباشرة من قبل
([28]) ولكنه ليس على منهاجه وشرعه
([29]) الإستغاثة : طلب النصرة والمساعدة والإعانة بسبب الشدة والضيق والضنك ممن يملك بتذلل وانكسار لضعف ، ( الغوث ) وقد تكون هناك عدم استجابة أو استجابة بأحد احتمالين برفع الشدة والضيق والضنك أو زيادة الشدة والضيق والضنك ، إذا فليس شرطا أن تكون الإجابة إيجابية فقد تكون سلبية أو لا تكون هناك استجابة نهائيا .
([30]) فعندما دخل المدينة وجد الرجلين يقتتلان
([31]) وهناك فرضية سأتكلم عنها لاحقا حول شخصية الغوي بأنه قد يكون مصاب بالبهاق الذي سببه اختلال في صبغة الميلانين في عينيه مما يسبب رهب الضوء والحساسية من الإضاءة في النهار ولذلك يكون الزمن المفضل لحركته ليلا .
([32]) القضاء البشري: تنفيذ حكم مستند على تقدير مبني على أدلة ظنية .
([33]) راجع مفهوم الظن في قصة يونس عليه السلام
([34]) ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَٰؤُلَاءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ ﴿٢٢﴾الدخان … هؤلاء : فرعون وآله بعدها قضى الله عز وجل عليه الهلاك غرقا ، فالمجرم كافر
([35]) كان من عبدة العجل بوخيس – إله الحرب والقتال
([36]) وقد يكون هذا أحد أسباب خسارتهم أمام الأسرة الثامنة عشر ، فلم يكونوا مأمورين فعليا بالقتال إلا جبرا عند الدفاع عن النفس فحتى بزمنهم ( عندما كانوا ملوكا على مصر ) ترى التوسعات الخارجية لمملكة مصر توقفت وما توسعت مصر خارج حدودها إلا في الأسر اللاحقة التي استخدمت الحرب كوسيلة للتوسع ؟!
([37]) هو الشاهد الوحيد عليه
([38]) الأحلاف في الشيعة ليس شرطا أن يكونوا على نفس الدين و الملة وإنما لهم نفس الهوى والأهداف … وهنا كان الهدف هو زوال فرعون
([39]) الترقب : انتظار ما ستؤول إليه الأمور عادة تكون بين شيئين متضادين (وعادة يكون الرقيب في حالة تأهب وإستعداد وجاهزية لما ستؤول إليه الأمور )
([40]) الصراخ : صوت من يستغيث من عذاب .
يستصرخ : يستغيث بأحدهم لكي يزيل عنه العذاب أو يبعده عنه .
([41]) وهناك فرضية سأتكلم عنها لاحقا حول شخصية الغوي بأنه قد يكون مصاب بالبهاق الذي سببه اختلال في صبغة الميلانين في عينيه مما يسبب رهب الضوء والحساسية من الإضاءة في النهار ولذلك يكون الزمن المفضل لحركته ليلا .
([42]) وكله من صناعة الله عز وجل ( ولتصنع على عيني )
([43]) الغوي : من يتبع طريق الشهوات والضلال والباطل ويتوجه نحو الذي يغضب الله عز وجل ويسخطه إذا ما وقع في ( فتنة واختبار وامتحان ) وخير بين شيئين فإنه يفشل ويخفق لجهله وحماقته وتتبع غرائزه وشهواته والشيطان ويتعدى ذلك كل على غيره .
([44]) واضح جلي ظاهر للعيان لا لبس أو شك فيه
([45]) يدي موسى عليه السلام قويتين جدا بدليل وكز الحارس الليلي فقتله والبطش يكون باليدين وهو مسك شيء وأخذه والتحكم فيه بشدة وقوة وبأس لا يفلته لمنعه من عمل شيء . وهو غير الوكز .
([46]) فمنهجه وشريعته ضد منهج وشريعة موسى عليه السلام
([47]) هذه العينة من الناس موجودة مع كل الرسل فهو يسير على خط مناقض للخط الذي يسير عليه الرسول ولا يفهم المغزى و المقصد من فعل الرسل إلا بعد حين بل ينظرون أنهم على حق والرسول على خطأ ، وكمثال بسيط معارضة بعض الصحابة لصلح الحديبية – ولو نفسيا – فالظاهر أن المعاهدة كانت ضد المسلمين ولكن تبين أنها كانت لصالحهم فيما بعد جاءت
([48]) وهنا اختفى أثر الغوي المجرم - قد يكون هرب واختفى لأنه استعرت أحداث القتل بعدما ذاع خبر موسى عليه السلام في المدينة – وسيعود ذكره في أحداث جديدة سنتكلم عنها لاحقا
([49]) وفعليا نجحوا بهذه المؤامرة في التخلص من ( موسى عليه السلام ) المنافس القوي لأمنحتب الرابع لولاية العهد
([50]) تم قتلها في السنة 37 من حكم أمنحتب الثالث وقد وضحت ذلك من خلال رسائل تل العمارنة عند الحديث عن آسية بنت مزاحم ، وقد يكون أمنحتب الثالث بنفسه تم اغتياله من ( الملأ ( أخناتون وأمه ومواليهم) الذين يسعون للحكم ) وألصقت تهمة القتل بآسية وموسى وأشياعهم .
([51]) هو تبع وتكلمنا عنه في بحث قوم تبع / قوم فرعون