موسى عليه السلام قبل الرسالة / الجزء الثالث

موسى

عليه السلام

قبل الرسالة


ثالثا : الفرعون أمنحتب الثالث (أمنوفيس الثالث) ( فرعون الرؤية )

الفرعون الذي كان قبل دعوة موسى عليه السلام






وقفات من حياة أمنحتب([1]) الثالث

... المتتبع لسلفه ولخلفه من الحكام من الأسرة الثامنة عشر يشعر أن المؤامرات تعشش في أركان القصور ولها حبال ممتدة وموصولة بأصابع نساء القصر وكأنها ركن ركين في إدارة الحكم وبقاء الحاكم على كرسيه أو موته في تلك الحقبة الزمنية فكثيرا وأنت تقرأ عن مصائر حكام مصر من الأسرة الثامنة عشرة قبل الميلاد موضوع الدراسة تشعر بريبة في طريقة موتهم ...وكأن كثيرا من المؤامرات تديرها وتحيكها زوجات الحاكم نفسه([2]) مع كهنة الحاكم ومستشاريه وأن هناك حكومة ظل تدير البلاد جنبا لجنب إلى الحاكم تسيرها وتعاضدها المصلحة الجماعية الواحدة ( مصلحة الأسرة ) حيث أن جميع أرباب أركان الدولة المنحدرين من الأسرة الحاكمة متفقة على هيكلة الدولة الموجودة تسييرا لمصالحهم فأي خلل فيها فإن جميع مصالح المتنفذين فيها ستنهار ولذلك كان لكل فرد له دور كما للفرعون له دور فيها أيضا وهو رأس الهرم فوجودهم بثبات رأس الهرم ولذلك كانوا لا ينازعونه على الحكم حتى ولو كان صغيرا أو غرا([3]) أو عليلا شبه جسد كدمية وهذه المؤشرات لها ما وراءها في أحداث قصتنا .

تولى الفرعون أمنحتب الثالث الحكم عن عمر اثنتي عشر سنة وتزوج الملكة تي بعد توليه الحكم بسنتين زواجا خارجا عن المألوف والعادة فهي ليست من العائلة الملكية الحاكمة ولا تحمل في دمها الدم الملكي ، فمن البدهي أن تعمل عقلها في المكائد و المكر لتثبت قدمها في القصر والمحظيات الملكيات كثيرات حول الملك وهذا ما كشفته الأيام في تثبيت ملك ولدها أمنحتب الرابع .

... أمنحتب الثالث هو صاحب الرؤية التي على إثرها تم ذبح أبناء بني إسرائيل وقد تكون فتوى من مستشاريه وكهنته كما أشرنا سابقا وقد تكون نبوءة ، المهم الذبح لأبناء بني إسرائيل واستحياء النساء أستعر في زمنه وتقنن وبإرادة مباشرة منه ، ومن المفارقات أن من قنن ذبح أبناء بني إسرائيل يتبنى واحدا منهم يربيه في كنفه وبين أحضانه .

أمنحتب الثالث بين العُنَّة والنبوءة ... والتبني . ..

... بل وقد يكون من أسباب استعار أمنحتب الثالث بذبح بني إسرائيل هو نفس سبب تبنيه لطفل لكي يحمل اسمه ؟؟

... سيطرت فكرة ( فتى بني إسرائيل الذي سيقض مضاجع آل فرعون ويقوض أركان حكمهم ) على مخيلة فرعون وآله حتى تمازجت مصالحهم في قتل وإبادة أبناء بني إسرائيل حفظا لمكتسباتهم ومصالحهم([4]) ومما زاد تخوف فرعون الرؤية تحديدا من عدم استمرارية حكمة العُنَّة التي كان يعاني منها فكأنه كان عنده ضعف في الإنجاب أو أن أولاده الذكور تحديدا يموتون صغارا في السن أو يولدون مشوهين أو بعاهة بسبب وراثي([5]) ، فكان هاجس الفرعون أمنحتب الثالث استمرارية نسله وانجاب الأولاد الذكور وهذا لم يحدث مع زوجته الملكة تي([6]) في بداية زواجهما على الأقل …. مما جعله يسعى للزواج من زوجة ثانية ( من المملكة الميتانية )([7]) فضرب بها أمنحتب الثالث بها عصفورين بحجر واحد([8])فكسب بهذا الزواج تحالف سياسي مع مملكة الميتانيين كما فعل أبوه من قبل .

فكانت جليوخيبا –الزوجة الثانية الميتانية صفقة بين مملكة أبيها ومملكة أمنحتب الثالث

وقد ورث أمنحتب الثالث من أبيه الفرعون تحتمس الرابع([9]) كذلك زوجاته ومنهن ( الأميرة الميتانية ابنة الملك أرتاتاما الأول وتكون هذه الأميرة عمة الأميرة جليوخيبا )([10]) وكلا الأميرتين لم تنجب لأمنحتب الثالث

أما الأميرة ابنة الملك أرتاتاما الأول ( تركة تحتمس الرابع ) هي آسية بنت مزاحم

وكانت في هذه الزيجات التي سعى أمنحتب الثالث لها أملا جديدا في إنجاب الولد الذي سيحمل اسمه وعرشه من بعده ومحاولة منه ليتدارك حفظ ملكه من الضياع وخاصة أن هاجس خلود أسمائهم من أسمى معتقداتهم كيف ولا ، وما شيدوا ما شيدوا من معابد وتماثيل ما تهيم به الألباب إلا لتخليد ذكرهم من بعدهم ، بل كانوا يسرقوا آثار سلفهم بطلس وطمس أسماء من بناها ويكتبوا أسماءهم مكانها .

… فأبت إرادة الله عز وجل أن لا ينجب من الأميرات الميتانيات وأن تذل كبرياء وعظمة الفرعون الكاذبة وتعريه فهو لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا يملك موتا ولا حياة ولا نشورا ولا يملك حتى على إنجاب ولد من صلبه ؟!

آسية بنت مزاحم وابنة أخيها جليوخيبا([11]) … الأميرات الميتانيات خاصة مع أنهن كُنّ يأتين كملكات إلى مصر إلى القصر الفرعوني إلا أنهن كُنّ يقدمن من بلاد بعيدة جدا صغيرات في السن ووحيدات يملأ قلوبهن الحزن والأسى و الوحدة وشعور بالخوف ، تشتعل وتلتهب قلوبهن من المآسي والأحزان لبعدهن عن المرابع التي درجن وتربين فيها وابتعادهن عن صويحبات الصبا ومما يزيد من وحدتهن أخبار مملكة آبائهن التي تعصف بها المؤامرات والتهديدات من كل جانب ومما يزيد في الطين بلة مؤامرات ومكائد ومكر نساء القصر اللاتي بيدهن السطوة و الأمر ، ويشاء الله عز وجل ويقدر أن لا ينجبن ولا يكون لهن ولد يواسيهن ويسليهن ويعزيهن .

فما كان طلب ( آسية ) من الفرعون أمنحتب الثالث تبني الطفل المنتشل من الماء إلا لأجل وحدتها وحزنها وعدم حملها للولد في المقام الأول فاستعطفته وتحننت له بذلك ودخلت عليه من هذا الباب.. وكأنها تقول له هو قرة عين لي ( يواسيني ) وألمحت له بطريقة غاية في الذكاء بعُنته – وبأنه لا يستطيع إنجاب الولد ، فلم لا نتخذه ولدا ويحمل اسمك ؟! فمن معاني اسم موسى (ولد) – وقد أشرت لذلك من قبل في الجزء الثاني ؟! .

وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ‎﴿القصص: ٩﴾‏

فهي لم تنجب ولم تحمل لعلة فيها و لعلة الفرعون نفسه وضعفه وعجزه ... والغالب أن العلة في الإنجاب والحمل هي من آسية([12]) أكثر منها من أمنحتب الثالث ولكنه كان يعلم ما يعتريه من عجز وضعف ، فما كان من الفرعون إلا أن وافق ورضي على تبني الصبي مجهول الهوية وضمه إلى حجره وإعطائه اسمه وكان التبني مألوفا في ذلك الزمان كما في قصة يوسف عليه السلام([13]) .

فتوافق تدبير الله عز وجل مع فطرة المرأة العفيفية – آسية – وتحننها للولد مع ضعف فرعون وعنته وعجزه وطلبه لولد يحمل اسمه لحفظ ملكه وملك آل فرعون من خلفه

فلغاية تبني موسى عليه السلام لم يولد لأمنحتب الثالث أي ولد ذكر ، ولكن تشاء الأقدار أن يولد للمكلة تي بنفس العام ابنها الأمير تحتمس([14]) فكان ذلك بمثابة الفرج والفرح للفرعون أمنحتب الثالث فقد جاء ولي العهد الذي من صلبه الذي كان ينتظره ، وبعد ( 4 – 6 ) سنين أنجبت أيضا الملكة تي ولدها الثاني أمنحتب الرابع ولكن ليس كباقي الصبية ففيه تشوه وضعف خلقي ويظهر من جميع الآثار والتصاوير أنه فيه علة بدنية و تشوه خلقي ورثه ابنه توت عنخ أمون ([15])... ؟!! .

فنشأ موسى عليه السلام في قصر أمنحتب الثالث ( فرعون الرؤية ) مع أميرين وكلهم متقاربين في العمر

الأمير الجميل الحسن البهي النضير المليح بالتبني وهو موسى عليه السلام ، والأمير الضعيف تحتمس والأمير البشع الشنيع الدميم المسيخ المشوه أمنحتب الرابع ( أخناتون – الذي سيكون فرعون الخروج ) … ومن المفارقات أن موسى عليه السلام صحيح الجسم قوي البنية جاء برسالة من الله عز وجل بأنه عبدله وحده وأن أخناتون مشوه الجسم ضعيف البنية إدعى الألوهية .

... بدأت تتأجج نيران الغيرة في الملكة الأولى الملكة تي وتتلاعب في هواجسها وتغذيها شياطين الإنس والجن فقد أحضرت لها ضرتها صبي جميل حسن مليح الخلقة بينما كان ولديها ضعاف البنية دميمين مسيخين مشوهين ، فغذت ولديها منذ صغرهما على كره ضرتها ومنافسهما – موسى عليه السلام – وهذا له ما وراءه من أحداث ...فبدأت المؤامرة على موسى عليه السلام وهو صغير ، فأرادت الملكة تي ومن وراءها مواليها في القصر التخلص من موسى عليه السلام فكانت أول محاولاتها بربط الرؤية – النبوءة – المنبئة بهلاك فرعون وآله بهذا الطفل ([16]) ، حتى كان في يوم من الأيام موسى عليه السلام بين يدي فرعون بتدبير من آسية لنحله وإكرامه ، وكانوا ينظرون بتوجس وريبة وخوف من ذلك الطفل المشتعل حيوية وحركة وقوة كأنه شعلة متقدة تستعر كلما اقترب منها أحد ، فأخذ موسى عليه السلام لحية ( الذقن المستعار )([17]) للفرعون أمنحتب الثالث فجعلها على الأرض وهنا كانت الفرصة السانحة لفريق المتآمرين للإنقضاض على موسى الصبي لقتله فذكّروا فرعون ب ( الرؤية – النبوءة ) التي ما كانت تغادر خلد وتفكير الفرعون … حتى أمر بالذباحين بقتله …

الصور التالية للملكة تي زوجة أمنحتب الثالث وأم أمنحتب الرابع


ولكن الله عز وجل ألهم آسية وألقى الله عز وجل الحكمة على لسانها بفكرة الجمرتين واللؤلؤتين([18]) فشقت صفوف مكرهم وكانت تحاول الذب عن موسى عليه السلام مستمسكة بأي خيط ينقذ حياته بأهون الشرين... فتناول الجمرتين([19]) فكانت نجاة موسى عليه السلام فرب مضرة نافعة ([20]) .

فنشأ وشب موسى عليه السلام أميرا مسلما بين كنف أمه إمرأة عمران ببيت الإسلام وكنف أمه آسية إمرأة فرعون([21]) ببيت الإمارة والملك فتعلق قلبه بين هذه وتلك وقام بوصل أوداج الود بينهما

والله أعلم

نهاية الجزء الثالث .......................................يتبع الجزء الرابع




([1]) أمون راضي

([2]) تجد في هذه الأسرة ملكات حاكمات وتجدهن وهن تحت أزواجهن يراسلن الملوك في الممالك المجاورة وكان لهن بريدهن المستقل الخاص بل ويرد الملوك عليهن ويطلبوا منهم التوسط عند أزواجهن وأبنائهن كما ظهر ذلك في رسائل تل العمارنة .

([3]) كما في فراعنتنا في هذا الزمان الجبري فإن الحاكم يبقى متربعا على العرش ما دام أنه لا يخرج عن الجوقة ولحن الفاسدين ولا يغرد خارج السرب ، فمصالحهم متبادلة موصولة بأوداج وشرايين بل أكاد أجزم أن الحاكم إن بتر يمكن استبداله فهو كعضو طرفي بينما حكومة الظل من الفاسدين والمتنفذين فهم يمثلون جميع الحشايا والأعضاء الرئيسة ... وهذا سبب انهيار نظام فرعون الخروج – أخناتون – مرة واحدة بسبب هلاك هذه الطائفة مع حاكمهم دفعة واحدة عند غرقهم في اليم وقتما أغرقهم الله عز وجل وأبادهم أجمعين ، وبالمثل لن يكون هلاك فراعنة عصرنا إلا إذا اجتثت الأنظمة كاملة مع حاكمها أو دب الخلاف والصراع بين أركان نظامهم وفي أخناتون وحاشيته مثال لذلك ؟! .

([4]) الكهنوتية كانت من أعظم الموارد و المصالح والمكتسبات التي حاربوا من أجلها ولذلك تجد كهنة الآلهة المصرية القديمة من أغنى وأعلى طبقات المجتمع المصري القديم بل تجدها بعد فرعون مباشرة ولذلك كان من أخطر ما قام به أخناتون – فرعون الخروج الإنقضاض على النظام القديم الديني والدنيوي وهدم أركانه ومحاربة أربابه للاستئثار على جميع مقدارات الدولة الدينية والدنيوية ، وكانوا هم من حمل لواء الحرب والعداء على بني إسرائيل وعليه من بعده .

وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ ‎﴿الفجر: ١٠﴾‏ ... فقد قام بثبيت ملكه وأصبح هو الدين والدولة ومتحكم به وبأركانه ولا يستطيع أحد خلعه من عرشه أو منافسته عليه وقد يكون هذا هو السبب في عدم إلتفاته لشؤون دولته البعيدة فقد إنشغل داخليا في توطيد حكمه وألوهيته فتجد كثيرا من مقاطعات الشام التابعة لمصر زمن أبيه سقطت بيد الدول المجاورة له .

([5]) وهذا ملاحظ في جميع سلالة هذه العائلة الذكورية وخاصة المتأخرين كأخناتون وابنه توت عنخ أمون .

([6]) أنجبت الأمير تحتمس في نفس العام الذي التقط آل فرعون موسى عليه السلام من النهر وأنجبت أخناتون بعد خمس أعوام من أخيه تحتمس ولكن تحتمس ( أغتيل عن عمر 23 سنة )

([7]) حضارة كانت في يوم من الأيام من الممالك العظمى في زمنها ولكنها أبيدت وهلكت وأندرس أثرها ورسمها وحتى نسيت عاصمتها وكانت تقع شمال العراق وسوريا .

([8]) يعرف عنه أنه كان بارعا في الصيد

([9]) مات عن عمر 35 سنة

([10]) أي أن أمنحتب الثالث جمع العمة وابنة أخيها كزوجات له

([11]) ومن بعدهن قدمت أميرة ميتانية ثالثة تدعى تادوخيبا تكون جليوخيبا عمتها !؟ سنتكلم عنهن عند الحديث عن رسائل تل العمارنة إن شاء الله

([12]) لم تنجب آسية طيلة وجودها مع تحتمس الرابع ومن أمنحتب الثالث وقد أنجب فرعون من غيرها البنات ومن تي أنجب ولدين تحتمس وأمنحتب الرابع وبنات أخريات .

([13]) وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ‎﴿يوسف: ٢١﴾‏

([14]) معنى الاسم : ابن الإله تحوت

([15]) ووفقا لدراسات حديثة، اكتشف فيها فريق من العلماء، من خلال فحوص طبية وجينية، وصور أشعة سينية، ودراسة نحو ألفي صورة رسم سطحي بأشعة إكس، أن الفرعون الشاب توت عنخ آمون، كان ذا قدم حلفاء (مشوهة خلقياً)... وذا وركين إنثويين كوالده أخناتون . وأشارت بعض التقارير السابقة إلى أن الفرعون، الذي تولى العرش في سن 19 عاما، كان يعرج بوضوح، حيث كانت أصابع قدميه مفترقة عن بعضها البعض ، كما أثبتت التشريحات والاختبارات الحديثة أن الملك توت عنخ آمون كان نتاج زواج المحارم، حيث كان والداه شقيقين (أخ وأخته)، ولذلك وُلد توت عنخ آمون بعيوب وراثية، شملت العرج في الساق، ووركين أنثويين، وأنيابا كبيرة. وقال ألبرت زنك، مدير معهد المومياوات في إيطاليا، إنه استخدم البصمة الوراثية واختبارات الحمض النووي للملك توت عنخ آمون الذي ورثه من والدته فقط، ليتضح من النتائج أن والدته هي شقيقة أخناتون، وبذلك يثبت دون أدنى شك أن توت عنخ آمون كان نتاج زواج المحارم. وكان المصريون القدماء يعتقدون أن زواج المحارم يحافظ على نقاء الدم الملكي، ولكن هذا اﻷمر في الواقع جاءت نتائجه عكسية، فلم يكن لديهم أدنى فكرة عن الآثار الصحية لزواج المحارم على الذرية الذي كانت تظهر آثاره المدمرة على الذكور دون الإناث .

لاحظ التشابه إلى حد التطابق في الشكل العام للجسم ( أنثوي ) بين نفرتيتي وأخناتون في هذه الجدارية علما أن المصريين كانوا مهرة في تجسيم الشخصيات وتصويرها ولا تفوتهم أي ملاحظة و لو كانت صغيرة


صور توت عنخ أمون ابن أخناتون




([16]) إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (6/ 236)

فَلَمَّا تَرَعْرَعَ قَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ لِأُمِّ مُوسَى: أريد أَنْ تُرِينِي ابْنِي، فَوَعَدَتْهَا يَوْمًا تُرِيهَا فِيهِ إِيَّاهُ، فَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ لِخُزَّانِهَا وَظُئُورَتِهَا وَقَهَارَمَتِهَا: لَا يَبْقَيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا اسْتَقْبَلَ ابْنِي الْيَوْمَ بِهَدِيَّةٍ وَكَرَامَةٍ لِأَرَى ذَلِكَ فِيهِ وَأَنَا باعثة أميناً يحصي مَا يَصْنَعُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ. فَلَمْ تَزَلِ الهدايا والكرامة والنحل تَسْتَقْبِلُهُ مِنْ حِينِ خَرَجَ مِنْ بَيْتِ أُمِّهِ إِلَى أَنْ دَخَلَ عَلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، فَلَمَّا دخل عليها بجلته، وَأَكْرَمَتْهُ وَفَرِحَتْ بِهِ وَأَعْجَبَهَا وَنَحَلَتْ أُمَّهُ لِحُسْنِ أَثَرِهِ ثُمَّ قَالَتْ: لَآتِيَنَّ بِهِ فِرْعَوْنَ فَلَيَنْحِلَنَّهُ وَلَيُكْرِمَنَّهُ فَلَمَّا دَخَلَتْ بِهِ عَلَيْهِ جَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ فَتَنَاوَلَ مُوسَى لِحْيَةَ فِرْعَوْنَ فَمَدَّهَا إِلَى الْأَرْضِ فَقَالَ الْغُوَاةُ مِنْ أَعْدَاءُ اللَّهِ لِفِرْعَوْنَ: أَلَا تَرَى إِلَى مَا وَعَدَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- إِبْرَاهِيمَ نَبِيَّهُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنَّهُ يَرِثُكَ وَيَعْلُوكَ وَيَصْرَعُكَ، فَأَرْسِلْ إِلَى الذَّبَّاحِينَ- وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ بَعْدَ كُلِّ بَلَاءٍ ابْتُلِيَ بِهِ أَوْ أُرِيدَ بِهِ فُتُونًا- فَجَاءَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ تَسْعَى إِلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَتْ: مَا بَدَا لَكَ فِي هَذَا الْغُلَامِ الَّذِي وَهَبْتَهُ لِي؟ قَالَ: أَلَا تَرِينَهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَصْرَعُنِي وَيَعْلُونِي؟ قَالَتْ: أَجْعَلُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَمْرًا تَعْرِفُ فِيهِ الْحَقَّ ائْتِ بِجَمْرَتَيْنِ وَلُؤْلُؤَتَيْنِ فَقَرِّبْهُمَا إِلَيْهِ فإن بطش بِاللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَاجْتَنَبَ الْجَمْرَتَيْنِ عَرَفْتَ أَنَّهُ يَعْقِلُ، وَإِنْ تَنَاوَلَ الْجَمْرَتَيْنِ وَلَمْ يَرِدِ ، اللُّؤْلُؤَتَيْنِ عَلِمْتَ أَنَّ أَحَدًا لَا يُؤْثِرُ الْجَمْرَتَيْنِ عَلَى اللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَهُوَ يَعْقِلُ. فَقَرَّبَ ذَلِكَ إِلَيْهِ فتناول الجمرتين فانتزعوهما من يده مخافة أن تحرقا يَدَيْهِ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: أَلَا تَرَى. فَصَرَفَهُ اللَّهُ عنه بعد ما كَانَ قَدْ هَمَّ بِهِ، وَكَانَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- بَالِغًا فِيهِ أَمْرَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَصَارَ مِنَ الرِّجَالِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَخْلُصُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي إسرائيل معه بظلم ولا سخرة حتى امتنعوا كل الامتناع .

([17]) فراعنة الأسرة الثامنة عشر كانوا حليقي الوجه واشتهروا بوضع اللحية المستعارة التي تميزهم عن عامة الشعب ، فقد كانت اللحية تعبر عن عظمتهم وتشبههم بالإله أوزريس إله الموت والحياة ، حتى الملكات ارتدين هذه اللحية لنفس السبب

([18]) وقد تكون تمرتين في رواية أخرى ..

([19]) وقد ألمحت في بحث بيضاء عن حرق يد وفم موسى عليه السلام ...

([20]) وموسى عليه السلام نفسه كالسفينة التي خرقها الخضر فلو لم يعب الخضر السفينة لأخذها الملك غصبا : ولو لم تحرق يد موسى عليه السلام وفمه لقتل ، فضرر خفيف رد عنه ضرر كبير وجلب له منفعة كبيرة ( وقد ألمحت لذلك في بحث آل الشخص )

([21]) القرآن الكريم لم يصف ( آسية) سوى بإمرأة فرعون فهي لم تكن ملكة كالملكة تي ولم يطلق عليها الفرعون لقب ملكة لأنها أجنبية وهذا من دقة معاني القرآن الكريم ، فكان يطلق عليها ملكة ثانوية …