الجنس : عدد المساهمات : 775السٌّمعَة : 39تاريخ التسجيل : 28/07/2009
موضوع: هارون عليه السلام الإثنين فبراير 08, 2021 5:53 am
هارون
عليه السلام
على سياق ما بدأت به في بحث قارون سأبحث في القرآن الكريم عن صفات نبي الله هارون عليه السلام وأقابلها بمعنى هار في قواميس اللغة العربية ونخرج بمزيج جامع من هذه المعاني لمعنى هارون
1- هار : صدَّع وهدم وصرع :
وهذه من أولى مهام الرسل والأنبياء هدم الباطل والكفر بالحق [أ] بالدليل والبرهان [ب] ثم بالقوة والسلطان[ج] وليس بالمعول والفأس
فهارون عليه السلام فصيح الكلام ، حلو اللسان ، قوي الحجة والبرهان ، بليغ البيان يسحر [د] الأفئدة و الوجدان ويخلب العقول والأذهان فكلامه آيِ منَّ عليه الرحمن وفضله على سائر الخلق من الإنس والجان ، فهذه آية هارون عليه السلام كما كانت العصا واليد آيات موسى عليه السلام[ه] فقد أرسلهما الله عز وجل لفرعون وملئه ولبني إسرائيل ليزهقا الباطل بالحق فقد جاءا عليهما السلام بآيات [و] من جنس ما كان أهل زمانهما يبرعوا فيه حتى وصفا بالساحرين فقد تغلب هارون عليه السلام على سحر البيان وتغلب موسى عليه السلام على السحرة بتحويل العصا لثعبان [ز]، فقد كان لكل منهما جانب في دعوة فرعون وملئه فكان ما جاءا به آيِ وبرهان من الله عز وجل لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد
فهارون عليه السلام موضوع بحثنا أفصح الناس كلاما وأبلغهم بيانا فلا ينازعه أحد في هذا الباب فكأنما آتاه الله مفاتح هذا الباب فخصمه لا يصمد أمامه في الجدال والحوار وكل من يستمع له فكأنما يتصدع وينهزم ويصرع أمام حجته وفصاحته وبلاغته [ح] وهذا ينبئك لم سحرة فرعون خروا سجدا معلنين إيمانهم برب هارون وموسى عليهم السلام [ط]
فلقد تيقنوا حق اليقين عجز سحر كلامهم وسحر عصيهم وحبالهم أمام آيات الله عز وجل البينات المسموعة و المشاهدة [ي]
2- هار على الشيء :
حَمَلَه عليه ( معينا ومساعدا له ) فكان هارون عليه السلام معينا ومساعدا لأخيه نبي الله موسى عليه السلام فقد كان وزيرا [ك] له [ل] فقد تقاسما حمل الدعوة على كاهلهما.
فقد حُمِّل نبي الله هارون عليه السلام حملا ثقيلا على كاهله[م] بقبوله رسالة الله عز وجل لفرعون وملئه وقومه من بني إسرائيل [ن].
وكان من جملة مهامه التي ألقيت على عاتقه أن يمنع ويصد ويذود عن أخيه [س] [ع]ويصدقه
3- هار: اتهمه وظن به بأنه غشه :
ونبي الله هارون عليه السلام المتهم من نبي الله موسى عليه السلام بالتقصير في منع قومه من عبادة العجل[ف] [ص]
فمع فصاحة لسانه وقوة بيانه لم يستطيع بالحجة و الإقناع ردع فريق السامري من صنع العجل [ق] فهار الأمر [ر] نبي الله هارون عليه السلام فخشي أن يفرق بين قومه بين مؤيد للسامري وبين مؤيد له ومعارض لصنع العجل [ش] فيقتتل بنو إسرائيل ويسفكوا دم بعضهم بعضا [ت] فآثر السكوت كرها لقلة من معه وضعفهم حتى رجوع أخيه نبي الله موسى عليه السلام حتى يرقب حكم أخيه موسى عليه السلام [ث] وهذه الصفة لا أظنها صفة (هارون عليه السلام) المرتبطة باسمه فقد طلب نبي الله موسى عليه السلام من الله عز وجل أن يكون هارون عليه السلام وزيرا له في بداية دعوته ( وذكر اسمه "هارون" في بداية الدعوة ) لفصاحة لسان نبي الله هارون عليه السلام وليكون وزيرا له وهذا المعنى المرتبط بالإتهام و الظن و الغش فإنما وقع بعد غرق فرعون وقبل التيه عند نزول موسى عليه السلام بالألواح من الله عز وجل والله أعلم
وهذه الصفة أيضا لا أظنها مرتبطة باسم نبي الله هارون عليه السلام فقد طلب نبي الله موسى عليه السلام أن يكون هارون عليه السلام وزيرا له في بداية دعوته وكان هارون يعرف بهذا الإسم من بداية دعوة موسى عليه السلام كما أسلفنا سابقا والله أعلم وقتل الأعداء وكبهم فوق بعضهم في الحرب والقتال لم يكن في زمن هارون وموسى عليهم السلام ( لم يحدث حرب مع القبائل الأخرى إلا بعد زمن التيه فما كان التيه إلا عقوبة لهم لرفضهم قتال الجبارين) وما حدث الإشتباك الحربي مع القبائل الأخرى إلا في زمن نبي الله يوشع عليه السلام
القرآن الكريم يكشف زيف وكذب كتبة كتبهم
فقد جاء في كتب أهل الكتاب ( الخروج الإصحاح 17)
أن موسى وهارون عليهما السلام شاركا يشوع في حرب العماليق ( الجبارين ) في موقعة رَفيديم وقتلهم بحد السيف ومحى ذكر العماليق من تحت السماء .
ووالله أعلم أن هذه المعركة لم تقع نهائيا وإنما هي من تخرصات كاتبي كتبهم ومن نسج وحي خيالهم بدليل
وما القرآن إلا آية الآيات التي أيد الله عز وجل بها نبي الله محمد صلى الله عليه وسلام وما هو إلا مصفوفات من الأحرف والكلمات و الجمل ليس كمثلها شيء فهي آية الله عز وجل وكلامه .
عن بن عباس رضي الله عنهما أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال يا عم إن قومك يرون أن يجمعوا لك مالا قال لم قال ليعطوكه فإنك أتيت محمدا لتعرض لما قبله قال قد علمت قريش أني من أكثرها مالا قال فقل فيه قولا يبلغ قومك إنك منكر له أو إنك كاره له قال وماذا أقول فوالله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجز ولا بقصيدة مني ولا بأشعار الجن والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا ووالله إن لقوله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة وأنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلو وما يعلى وإنه ليحطم فاتحته قال لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه قال فدعني حتى أفكر فلما فكر قال هذا سحر يؤثر يأثره من غيره فنزلت ذرني ومن خلقت وحيدا هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ولم يخرجاه
[و] الآيات ليست من العلوم المكتسبة والمتعلمة ، مفاتيحها بيد الله عز وجل يهبها لمن يشاء من رسله وأوليائه الذين اصطفى كل بالقدر والكيفية التي يشاؤها الله عز وجل تثبيتا لهم وبرهان على صدقهم ولدحض الباطل .
....من أعلمهم بكل ذلك ( بالرب الذي يغفر الخطايا ومن أعلمهم بأن الله خير وأبقى وأن هناك حسابا وجزاءا جنة ونار لا يموت فيها المرأ و لا يحيا)
لولا أنه كان حوارا وجدالا قبل رمي العصي والحبال بينهم وبين هارون وموسى عليهم السلام حول الله عز وجل والجنة و النار فاجتمع لهم (العلم والتوفيق الإلهي وهداية الرحمن)
[ن] قد يكون حب بني إسرائيل لنبي الله هارون عليه السلام أحد أسباب طلب موسى عليه السلام من الله عز وجل أن يكون وزيرا له في مهمته فلم يكن هارون عليه السلام فظا غليظ القلب بل لين الجانب محبوبا عندهم وهو كذلك العالم بأحوال بني إسرائيل أكثر من موسى عليه السلام الذي نشأ في ريعان شبابه بكنف قصور فرعون بعيدا عن قوم بني إسرائيل بل وكان تغيبه عن مصر وعن قومه وقوم فرعون وهربه إلى مدين لمدة لا تقل عن عشر سنين عاملا رئيسا في تغير وتبدل وتقلب الأحوال والناس وطبائعهم وعاداتهم وعباداتهم وطرق اتصالهم وتواصلهم فلكل عصر دولة ورجال ، هذا إذا لم يتطبع نبي الله موسى عليه السلام بطباع جديدة ولهجات جديدة ودخول لكنات غريبة على لغته ولسان قومه ( وليس وجود لذغة في لسانه ) فما عُرف اليوم وتعارفوا عليه سيكون منكرًا وغريبًا غدا فمعروف زماننا منكر لزمان قد مضى ، ومنكره معروف لزمان لم يأت
كما وأن هذه الرسالة العظيمة تحتاج إلى شخص عليم ذو دراية وعلم وفن في أسلوب التعامل مع الناس على اختلافهم وتنوعهم فكان لا بد من الإستعانة برجل كالطود العالي المنيع الذي لا يؤتى من قبله فكان هارون عليه السلام ، عداك على أناته ورفقه وحلمه عليه السلام وحكمته وعدم استعجاله في الحكم على الأمور ( وهذه صفات الوزير ) بالمقارنة مع شدة وقوة وإقدام وشجاعة موسى عليه السلام والحسم وعدم التردد في الحكم على الأمور ( صفات الأمير موسى عليه السلام ) فصفات هارون عليه السلام تقوم مقام الميزان لضبط الأمور وإحكامها في صفات موسى عليه السلام وكل يصحح ويرتق ما فتق أخاه ، فصفات هارون عليه السلام كالدرع الذي يحمي أخاه ويذود عنه ويحد من إقدامه .
أوزارها ( بشكل عام ) : كل ما يمنع ويحجب ويحول من إيقاف الحرب ( من آلة وشحناء وعداوة وبغضاء وخلاف بين الطرفين المتخاصمين ) أو كل ما يسمح باستمرار الحرب ( أسباب استمرارية الحرب ) ( من آلة وشحناء وعداوة وبغضاء وخلاف بين الطرفين المتخاصمين)
أوزارها ( بشكل تشريعي ) : كل باطل يُتَّبَعْ من دون الله و يمنع ويحجب ويحول من ايصال الحق والهدى ويصدعن سبيل الله وعبادته وحده) ،
تضع الحرب : لا يوجد سبب لاستمرار الحرب
أي كناية على استمرار الجهاد إلى قبيل الساعة حتى ( لا يبقى باطل يُتَّبَعْ من دون الله يمنع ويحجب ويحول من ايصال الحق والهدى ويصدعن سبيل الله وعبادته وحده ) وهو لن يكون إلا زمن عيسى عليه السلام حتى لا يتبقى كافر ويبقى الدين لله وحده ( فبعد ذلك الزمان الذي لا يوجد فيه كفار تسقط فريضة الجهاد ).
صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 1302)
"... تكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله وتضع الحرب أوزارها... " صحيح
السلسلة الصحيحة - مختصرة (1/ 32)
"ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو ذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر"صحيح
[ص] في كتب أهل الكتاب ( الخروج 32 ) ينسبون لنبي الله هارون عليه السلام تهمة صنع العجل الذهبي لبني إسرائيل ليعبدوه بل وبنى له مذبحا وقدم ذبائح ومارس طقوس وعبادات شركية للعجل وهو البريء من هذه التهمة المبرأ من الله عز وجل من فوق سبع سماوات
[ق] المتأمل في بني إسرائيل فإنه يجد أن عبادة العجل متجذرة في بني إسرائيل فقد عبدوا العجل بعل بعد موسى وهارون عليه السلام في زمن الأنبياء إلياس واليسع ويونس عليهم السلام ، والمتأمل في طقوس عبد الشيطان هذه الأيام نراهم يقدسوا رؤوس الثيران وجُل كهنتها من اليهود .
[ر] قدر وخمن ( تحزير مع ترجيح رأي على آخر )
[ش] وكانوا الأضعف
[ت] وهذا يدل على حكمة نبي الله هارون عليه السلام ودرايته بأحوال بني قومه فكان يعلم مدى الفتنة وشدتها التي بث في روعها السامري التي فرقت بني إسرائيل