مع انطلاقة مسيرة الإنسان على هذا الكوكب الرائع، زود الله الإنسان بسلاح العقل ليكون قادراً على مواجهة ما تعترضه من تحديات ومواقف تحتاج إلى حلول إبداعية كي يستطيع تجاوزها. وفعلاً هذا ما قد كان، فلقد استطاع الإنسان بفعل هذا السلاح الفريد الذي تميز به عن سائر المخلوقات، أن يحول هذه الأرضا إلى جنة من الجنات وإلى مكان يلائم الحياة ويتماشى مع التطور، ولم يأت هذا الجهد بين يوم وليلة بل استغرق آلاف السنين لتصل الأرض إلى ما وصلت إليه في يومنا هذا، ولا يدري أحد كيف سيكون شكل وجه الأرض في السنين أو العقود أو القرون القادمة، فعجلة التطور لازالت مستمرة في الدوران ونحن أمام احتمالات مفتوحة. بدأ الإنسان بالمخترعات البسيطة التي صنعها مما توافر من موارد أولية بسيطة كالحجارة والأخشاب، ومع تقدم العلوم وازدياد المحصول المعرفي، ازدادت تعقيدات هذه المخترعات، فأصبحت المواد الأولية التي تصنع منها هذه المخترعات هي تفسها مصنعة وقد تكون مصنعة عدة مرات من المواد الأولية الطبيعية، فنحن اليوم نعيش في عصر يمثل ذروة العصور في التقدم التقني والمعرفة، فما حصل في هذا العصر من مكتشفات ومخترعات لم يشهده البشرية في سابق العصور، فهذا التقدم يمثل إعجازاً حقيقياً فريداً من نوعه، وهو نقلة حقيقية في مسيرة البشر عبر تاريخهم الممتد إلى آلاف السنين على هذا الكوكب. ساعدت المخترعات المختلفة في تسهيل حياة الإنسان، فشكل الحياة بعد اختراع مخترع معين ليس كما هو قبلها، وهذا يظهر جلياً واضحاً في وسائل النقل، فالحياة قبل الطائرة مثلاً ليست هي ذات الحياة بعد الطائرة، هذا الاختراع العجيب الذي أحدث نقلة نوعية في مفهوم سير الإنسان في الأرض، فلم يكن يتصور أحد أن رحلة من شرق الأرض إلى مغربها قد تستقرق عدة ساعات فقط هذا إن كان قد حصل قديماً فهو كان يعد أمراً معجزاً أما اليوم فهو أمر عادي وأقل من عادي. نفس الشيء سنحصل عليه إذا ما قارنا شكل الحياة قبل الإختراعات الطبية وبعدها، فمثلاً أمراض عديدة تعد اليوم من أخف الأمراض نظراً لإكتشاف الدواء أو اللقاح المناسب للوقاية منها، كان ينظر إليها قديماً على أنها طاعون فتاك، وكان يحجر على من يصاب به وذلك لعدم توافر الدواء أو اللقاح المناسب لهكذا أمراض. كل هذا وأكثر حصل بسبب المخترعات، والأهم من ذلك أنه وبدل من أن تكون الحياة سالمة وادعة أكثر بوجود هكذا مخترعات في حياتنا، أصبحت دموية أكثر، بسبب الطغيان البشري الذي لا حدود له.
\