التدخين أو الاستنشاق هو تلك النوبات من احتراق التبغ وسحبها دخانها بالفم ليتم دخول أثر احتراقها من دخان وما يحمله أثر احتراق التبغ في الفم والأنف ومنهما إلى الجهاز التنفسي للإنسان... ويتم التدخين بطرق متنوعة عن طريق السجائر الورقية الملفوفة أو الغليون...
وهناك من يمضغ أوراق نبات التبغ... وهناك من يجففها ويعالجها ثم يلفها بسجائر من الورق ويحرق طرفها ثم يقوم بعملية سحب الهواء المحترق للسيجارة... ويعتبر التدخين عادة شعبية عامة نجدها في كل أنحاء العالم تقريبا... حتى أن الديانات لم تحرمه... ماعدا فئة من علماء المسلمين حرموه بسبب الأضرار المادية والصحية التي يورثها التدخين... أما عن شعبيته فمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية هناك أكثر من 45 مليون شخص يدخنون التبغ ما مجموعه 480 مليار سيجارة تقريبا في كل سنة.
وحتى عام 1940 كان التدخين يعتبر غير مؤذي ولكن المعمل والبحث الإكلينيكي أثبت بأن التدخين خطر على الصحة حيث تحتوي السيجارة العادية الواحدة على حوالي 4000 مادة كيميائية بعضها سام بدرجة كبيرة... وهناك على الأقل 43 من هذه المواد تسبب السرطان...
والنيكوتين يعتبر المادة الرئيسية في دخان التبغ وكلاهما سام بدرجة كبيرة ... حيث يسبب التدخين أمراضا خطيرة كثيرة بعضها يؤدي إلى الموت كسرطان الرئة وتصلب الشرايين... والرئة هي مخزن التنفس وهي الجزء الأساسي في الجهاز التنفسي....
الآثار الصحية للتدخين:
تقدّر جمعية السرطان الأمريكيةّ أن السّيجارات مسئولة عن أكثر من 400,000 ميّت في الولايات المتّحدة كلّ سنة . يقدر عدد موتى سرطان الرّئة تقريبًا 30 في المئة في الولايات المتّحدة وهم من المدخنين أما نسبة الموتى من المصابين بسرطان الرئة فهي تقريبًا 90 في المئة .
ويعتبر المدخنون في تعرض لخطر زائد من سرطان الحنجرة والتّجويف الشفويّ , المريء , المثانة و الكلية و البنكرياس .
ويزيد التدخين من خطر الموت ومن الالتهاب الرئوي المزمن وانتفاخ الرئة وزيادة مضاعفات أمراض القلب وشرايينه. كما يزيد التدخين من حالة السكتة الدماغية بنسبة 50 %... إنه يسبب سرطان الفم ويزيد في أمراض الحلق والجنجرة والبعلوم والمريء. وأما نسبة زيادة سرطان الرئة وانتفاخ الرئة فتعتمد على طريقة الاستنشاق وكمية التدخين. حيث يحتوي السّيجار و دخّان الغليون المركّبات السّامّة و السرطانيّة وعلى الرغم من ذلك فإن مبيعات السّيجار في الولايات المتّحدة قد زادت بنسبة 50 في المئة منذ 1993.
وقد نشرت وكالة حماية البيئة EPA في أمريكا بيانا أكدت فيه أن التدخين يسبب حالات سرطان والتهاب رئوي حتى لنسبة من غير المدخنين حيث أكدت الدراسة موت 3000 شخص غير مدخن بسبب استنشاق التدخين لعناصر الدخان السامة...
والتدخين لا يؤثر على المدخن فقط فهو يؤثر على أفراد العائلة وخصوصا الأطفال .. فالأطفال الذين يكون أباؤهم مدخنين هم أكثر عرضة لأمراض كالإنفلونزا وأمراض الأذن والربو والالتهاب الرئوي... أما الأطفال المولودون من أباء وأمهات مدخنين يكونون أخف وزنا وأكثر عرضة لأمراض تنفسية وهم أكثر تعرضا لأن يدخنوا في سن المراهقة وعند البلوغ...
حقائق عن التّدخين و سرطان الرّئة
هناك علاقة بين التّدخين وسرطان الرئة... فالتدخين سبب رئيسي لسرطان الرئة...فقد لوحظ إحصائيًّا وجود علاقة مباشرة بين عدد السّيجارات التي يتم تدخينها و احتمال الموت من أنواع معيّنة لسرطانات الرّئة . وهذه السرطانات والأورام في الرئة تسببها مادة "الكاركينجن" الموجودة في التبغ. ورغم أن سرطان الرئة مجهول تقريبا لكن الظواهر التي تلاحظ والعلاقة بين المدخن وكثرة السرطانات من هذا النوع تشير إلى أن التدخين هو سبب لذلك.
صورة تبين أنسجة في الرئة مصابة بسرطان الرئة الناتج عن التدخين
هناك شكل واحد لسرطان الرّئة , adenocarcinoma الرئة الذي يبدو منفصل إلى التّدخين و يوجد في الناس الذين لم يدخّنوا أبدًا .
حديثًا , في المملكة المتّحدة , الإعلام أساء تفسير تقرير علميّ على العلاقة بين التّدخين السّلبيّ و سرطان الرّئة , و قاد عدد من الناس لاعتقاد أن ليس هناك علاقة بين الاثنين. لكن التدخين السلبي علميا يكون سببا في سرطان الرئة أيضا.
التدخين والكحة:
يؤدي التدخين إلى زيادة الكحة بشكل كبير مما يؤدي إلى مضاعفات كثيرة كالتهاب الجهاز التنفسي... فالمدخن تكاد تخرج روحه حين يكح ليلا وقد يستخرج من فمه نخام أصفر مخلوط بأثر الدخان من صدره وبعض الدم...
التدخين والفيروسات
يشكل التدخين عاملا محفزا جدا لانتشار الفيروسات في الجهاز التنفسي... فالدخان يشكل على الأسنان طبقة صفراء تمنع الماء والمعاجين من الوصول إليها وبالتالي تكون تلك الطبقة الصفراء حصنا حصينا لتلك الفيروسات التي ما أن تجد الطريق تهجم على الجهاز التنفسي وعلى الحلق والأسنان وتسبب تسوسها... وهذا الفيروسات بدورها تساعد على نمو البكتيريا في المجرى التنفسي وتؤدي إلى التهاب الرئة التي تصبح صلبة وقاسية.. وحين يحدث الالتهاب الرئوي حين يتسلل الـ bronchi إلى الرئة فيسبب التهابها.. وللعلم فإن الأمراض البكتيريّة التي تتم معالجتها بالمضادّات الحيويّة . لن تستجيب للمضادّات الحيويّة في حالة المدخن لوجود موانع كثيرة من الوصول إليها... هذا بالإضافة إلى أن التدخين بحد ذاته يكون مهيجا كبيرا لها...
التدخين السلبي وسرطان الرئة:
تؤكد منظّمة الصّحّة الدّوليّة وجود علاقة بين التدخين السلبي وسرطان الرئة. الدراسة قيد البحث دراسة تحكّم حالة على آثار ETS على خطر سرطان الرّئة بين السكّان الأوربّيين. فالمدخن السلبي هو الشخص غير المدخن والذي يفرض عليه استنشاق ذلك السم (الزفير) الذي ينبعث من المدخن وشيء من دخان السجائر المنبعث حين احتراقها...وقد وجدت الدراسة أن كان هناك 16 % من الحالات المعرضة لخطر سرطان الرّئة بين زوجات المدخّنين واللواتي لا يمارسن التدخين. أما في مقرات العمل فكانت نسبة التعرض لسرطان الرئة حوالي 17 % في غير المدخنين "الذين يعانون من التدخين السلبي".
وتؤكد وكالة حماية البيئة الأسترالية وباعتراف Neil Collishaw بوجود علاقة قوية بين التدخين السلبي الرئيسي وسرطان الرئة وقد تم نشر ذلك في الصحيفة الطبية البريطانية عام 1997. وقد نشرت الآثار الصحية للتدخين السلبي على الانترنت تحت عنوان:
وقد أبلغت الدّراسة الحديثة في صحيفة جمعيّة الكشف الطّبّيّ الأمريكيّ الدليل المتزايد الذي يربط بين الدخّان السلبيّ وسرطان الرّئة . درس الباحثون من بضع مراكز طبّيّة حالة 1093 امرأة مصابة بسرطان الرئة فتبين أن اللواتي أصبن بذلك هن 653 لحالتهن علاقة بالتدخين السلبي . وتبين أن النساء المتزوجات من مدخنين نسبة إصابتهن بسرطان الرئة تفوق المصابات الأخريات المتزوجات من أزواج غير مدخنين تزيد عن 30 %. وقد يتأثر حملهن بذلك...
لذا نشرت الجمعية تقريرا أعلنت فيه موت 3000 حالة مصابة بسرطان الرئة بسبب التدخين السلبي... ولذا نصحت بما يلي:
تجنّب الدّخّان السلبيّ بقدر الإمكان
شجّع المدخّنين ان يحاولوا ان يتوقّفوا , لصحّتهم وأيضا لك.
امنع أطفال من يتعرضوا للتدخين السلبي.
وفي دراسة علمية تبين أن جين الكروموسوم يتنشط بمفعول النّيكوتين , و يسرع ورم السّرطان ... وقد نظر الباحثون في جامعة Pittsburgh إلى عيّنات نسيج الرّئة من 38 امرأة و 40 رجل , فتبين حالة 58 مصاب بسرطان الرّئة , لتحديد سواء كان لديهم نسخة نشيطة للجين لgastrin-releasing peptide receptor ( GRPR ) , حيث تبين أن هذا الجين يسّرع في نموّ الأورام .
ويمكن أن يصنف سرطان الرّئة الناتج عن التدخين في 3 أنواع خليّة رئيسيّة : سرطان خليّة الsquamous و سرطان الخليّة الصغيرة و adenocarcinoma . وهذه الأنواع السرطانية تعادل بقوتها ذلك السرطان الناشئ عن التعرض لإشعاع اليورانيوم.
خاتمة
إن للتدخين أثار صحية كثيرة تنعكس سلبا على المدمنين ...وقد ثبت علميا نشوء أمراض خطيرة كثيرة ناتجة عن التدخين وأهم هذه الأمراض هي أمراض الجهاز التنفسي وسرطان القلب والرئة... وحتى رياضيا يكون المدخن أبطأ من حيث الحركة والنشاط من غير المدخن...
إن التوقف عن التدخين هو أحد أهم الأمور التي تساعد المدخن على استرجاع صحته.. فالتدخين عامل كبير للمشاكل الصحية... فكما أسلفت يسبب أمراضا للقلب والسكتة الدماغية وسرطان الرئة والتهاب الجهاز التنفسي بأكمله..
لقد وهب الله عز وجل الإنسان إرادة قوية يتجاوز فيها الصعاب ويتسلق بها الجبال ويتقوى بها على كل المغريات... ولكن لا بد لذلك الإنسان أن يتبع الخطوات العملية والعلمية والمنطقية التي تساعده على التخلي عن عادة إدمان سيئة... فالمدخن ليس بالضرورة أن يتم حجره صحيا ليتخلى عن تلك العادة الضارة... فبقليل من الإرادة يستطيع أن يتخلى عنه وبالتالي يحافظ على جسمه معافى وعلى جهازه التنفسي سليما...