بعد ظهور طريقتي بسمر وفرن المجمرة المكشوفة لتصنيع وإنتاج الفولاذ، توسعت صناعة الفولاذ ونمت بسرعة كبيرة. ولأن بريطانيا كانت تمتلك ترسبات غنية من خام الحديد، فقد كانت أكبر دول العالم في صناعة الحديد والفولاذ، في منتصف القرن التاسع عشر، كما أنها كانت أكثر دول العالم في التقدم التقني في هذا المجال.
ومع بداية الثمانينيات من القرن التاسع عشر وحتى الآن، بدأت بعض الدول الأخرى في الظهور في مجال بناء صناعة الفولاذ، حيث اكتشف الجيولوجيون في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي ترسبات غنية من خامات الحديد في منطقة البحيرات العظمى في الولايات المتحدة الأمريكية. وأدى ذلك الاكتشاف إلى تطور ضخم في صناعة الفولاذ في الولايات المتحدة. وقد أنشأ أندرو كارنيجي في عام 1873م أول مصنع ضخم لإنتاج الفولاذ في الولايات المتحدة الأمريكية، كما بدأت كل من فرنسا وألمانيا وروسيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى في بناء مصانع كبيرة لإنتاج الفولاذ. وبحلول بدايات القرن العشرين كانت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا تتصدران دول العالم المنتجة للفولاذ، وكان إنتاج كل دولة منهما أكثر من إنتاج بريطانيا.
وبحلول عام 1901م ظهرت دول أخرى منتجة للفولاذ في كل من آسيا والأمريكتين كما بدأت أستراليا عام 1915م في إنتاج الفولاذ.
استخدم معظم الفولاذ المنتج في نهاية القرن التاسع عشر في صناعة قضبان السكك الحديدية. وفي بداية القرن العشرين زاد إنتاج الفولاذ كثيرًا لمقابلة الزيادة في الطلب عليه ونجاحه في صناعة السيارات التي نمت بسرعة كبيرة بالإضافة إلى حاجة الكثير من المنتجات الأخرى إلى الفولاذ. وصاحب زيادة إنتاج الفولاذ تطوير طرق حديثة لإنتاجه روعي فيها زيادة الإنتاجية. كما شمل التطور أيضًا التوصل إلى طرق جديدة لعمليات الدلفنة وتشكيل الفولاذ إضافة إلى استنباط العديد من سبائك الفولاذ الجديدة ذات الخواص المتفوقة.
وأثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، دُمِّرت معظم مصانع الفولاذ في العالم فيما عدا مصانع الولايات المتحدة الأمريكية. ونتيجة لذلك احتكرت شركات الفولاذ الأمريكية إنتاج الفولاذ وأسواقه في العالم كله لفترة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من ذلك فقد أعادت اليابان وأيضًا الكثير من الدول الأوروبية بناء مصانعها لإنتاج الفولاذ في الخمسينيات من القرن العشرين. وتميزت وحدات الفولاذ حديثة الإنشاء باستخدام أحدث التقنيات لإنتاج الفولاذ بما فيها أسلوب الأكسجين القاعدي واستخدام طريقة صبات الجديلة. ونتيجة تحديث مصانع الفولاذ التي أنشئت حديثًا تفوقت المصانع اليابانية ومصانع دول وسط أوروبا في نوعية وكمية الإنتاج على مصانع الفولاذ في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا اللتين استمرتا في استخدام الأساليب القديمة والمعدات متدنية الكفاءة.
وتقلصت صناعة الفولاذ في بريطانيا بصورة كبيرة على الرغم من أنها كانت الدولة المطورة لأساليب إنتاج الفولاذ والمصنعة له بكميات كبيرة قبل أي دولة أخرى في العالم. وتتحكم الحكومة البريطانية في هيئة الفولاذ البريطانية، والأخيرة هي المالك الأساسي لصناعة الفولاذ في بريطانيا. وقد أغلقت الهيئة في بداية الثمانينيات من القرن العشرين عددًا كبيرًا من المصانع الضخمة لإنتاج الفولاذ. وفي الفترة نفسها تقريبًا، فقدت بريطانيا أيضًا أفضل ترسبات خامات الحديد بعد استنزافها. وعلى الرغم من المصاعب التي تواجه صناعة الفولاذ في بريطانيا، إلا أن هيئة الفولاذ البريطانية بدأت في فترة الثمانينيات من القرن العشرين تحديث أساليب واستخدام أفضل التقنيات لإنتاج الفولاذ تمهيدًا لنقل ملكية صناعة الفولاذ إلى القطاع الخاص تحت اسم الفولاذ البريطاني. وعلى الرغم من كل هذه المصاعب إلا أن الفولاذ لا يزال يؤدي دورًا بالغ الأهمية ويمثل جزءًا مهمًا من حجم التجارة البريطانية.