لم تطبق أولى الطرق الحديثة لإنتاج الفولاذ بكميات كبيرة وبتكلفة مقبولة إلا في منتصف القرن التاسع عشر. وعرفت هذه الطريقة باسم طريقة بسمر، وذلك على اسم مخترعها ومطورها هنري بسمر، وهو صانع فولاذ بريطاني. ولقد تمكن صانع حديد أمريكي اسمه وليم كلي، في الفترة نفسها تقريبًا، من تطوير أسلوب مماثل لأسلوب بسمر في إنتاج الفولاذ دون علم بنتائج أبحاث بسمر. وعلى الرغم من نجاح كل من بسمر وكيلي في إنتاج الفولاذ، إلا أن جهودهما لم يكن ليكللها النجاح دون الاستفادة من اختراع روبرت موشيه الذي توصل إليه في عام 1857م. وموشيه عالم فلزات بريطاني، وجد أن إضافة سبيكة الحديد ـ الكربون ـ المنجنيز المعروفة باسم تماسيح الحديد المنجنيزي، أثناء عملية تنقية الحديد تساعد على إزالة الأكسجين وضبط مستوى الكربون في الفولاذ المنتج.
قامت طريقة بسمر لتصنيع الفولاذ على صب حديد التمساح المنصهر الناتج من الفرن العالي في وعاء كمثري الشكل يعرف باسم المحول، ثم حقن الهواء في الحديد المنصهر من خلال قصبات مثبتة في قاع المحول. وبمجرد تلامس الهواء المدفوع في المحول مع الحديد المنصهر، فإن أكسجين الهواء يتفاعل بسرعة مع شوائب الحديد. وتؤدي تفاعلات الأكسجين مع الشوائب، بالإضافة إلى مفعول تماسيح الحديد المنجنيزي إلى تحويل حديد التمساح إلى فولاذ.
وقد سُجلت براءة اختراع تصنيع الفولاذ بأسلوب «بسمر» باسم مخترعها في بريطانيا عام 1860م. وفي عام 1870م بدأ إنتاج الفولاذ فعليًا بهذه الطريقة في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
ظهرت طريقة فرن المجمرة المكشوفة لإنتاج وتصنيع الفولاذ بعد انتشار طريقة بسمر مباشرة. ففي عام 1856م تمكن اثنان من العلماء، ألمانيّا المولد ولكنهما نشآ وعاشا في بريطانيا، هما الأخوان وليم وفريدريك سيمنز، من اختراع فرن إعادة توليد الغاز. ويستخدم هذا الفرن المخلفات الغازية لتسخين كل من الوقود والهواء قبل دخولهما إلى الفرن. وفي عام 1864م تمكن أخوان فرنسيان هما بيير وأميل مارتن، من تصنيع وإنتاج الفولاذ في فرن بناه مهندسو شركة سيمنز، ولهذا يطلق على أسلوب إنتاج الفولاذ بهذه الكيفية طريقة سيمنز ـ مارتن لتصنيع الفولاذ، وهي الطريقة التي عرفت بعد ذلك باسم فرن المجمرة المكشوفة. وقد تميزت طريقة المجمرة المكشوفة لإنتاج الفولاذ عن طريقة بسمر لإنتاج الفولاذ، بعدد من السمات أهمها إمكانية استخدامها لإنتاج الفولاذ من الخردة، بالإضافة إلى إمكانية التحكم بدرجة كبيرة في التركيب الكيميائي للفولاذ الناتج. ونتيجة لمميزات طريقة فرن المجمرة المكشوفة لإنتاج الفولاذ، فقد بدأ عدد وحدات محولات بسمر في التناقص منذ عام 1910م وأصبحت محدودة العدد، وإن ظلت الوحدات التي أنشئت قديمًا في الإنتاج حتى الستينيات من القرن العشرين.
وفي عام 1878م أثبت وليم سيمنز إمكانية إنتاج الفولاذ في فرن القوس الكهربائي. ونظرًا لأن كمية الكهرباء المتوفرة في ذلك الوقت كانت محدودة كما أنها كانت باهظة التكلفة، فلم يُستخدم هذا الأسلوب لتصنيع الفولاذ بكميات تجارية في ذلك الوقت. وفي عام 1899م أنشأ بول هيرولت في فرنسا أول وحدة لإنتاج الفولاذ فعليًا بصورة تجارية من أفران القوس الكهربائي.