يقام في متحف الفنون الصناعية (التطبيقية) ببودابست معرض وقتي عن المدرسة الفنية المعروفة بالفن الحديث (Art Nouveau)، وهو الفن الذي ازدهر في أواخر القرن التاسع عشر، واستمر تأثيره حتى اندلاع الحرب العالمية الاولى، وبعدها بقليل. وقد قضت الحرب العالمية الاولى ببشاعاتها على هذا الفن الأنيق الرقيق.
وتعدّ هذه المدرسة آخر المدارس الفنية العظيمة التي اكتسحت أوروبا، وسادت فيها دون منازع قبل أن تتعدد المدارس والفرق الفنية بعد الحرب العالمية الاولى بظهور الواقعيات، ومدارس الحداثة المختلفة، كالسريالية والتكعيبية وغيرها، ولا يمكن نكران الدور المهم للسياسة والايديولوجيا في تغيير الذوق الفني لأوروبا بعد الحرب الاولى، نذكر بشكل خاص تأثير ثورة اكتوبر في روسيا القيصرية، وظهور الاتحاد السوفييتي، واشتداد الصراع بين الكادحين والرأسماليين، واندلاع الثورات الاشتراكية في ألمانيا والمجر في عامي 1918 و 1919، وما عكسته هذه الظواهر والأحداث من نزعة الى أدلجة الفن.
وكان لفرنسا وبلجيكا، وهما الموطن الأصلي لهذا الفن دور في نشر الفن الحديث، فقد انتجت هناك روائع فنية في العمارة وتصميم الأثاث، إذ دخل الفن الحديث بيوت الأثرياء والفقراء على حد سواء. فالستائر والوسائد والأواني وحتى أغلفة الكتب اتبعت الطراز السائد، وتلقفت النمسا – المجر هذا الفن لتسمو به الى آفاق بعيدة. ورغم سيطرة الفن الحديث على الكثير من الفنون الصناعية كالعمارة والديكور، والطباعة، وصناعة الأثاث وغير ذلك، فإن تأثيره على الفنون التشكيلية والموسيقية كان ضعيفاً، ومع ذلك نكتشف في موسيقى الفرنسيين ديبوسي (Debussy 1862-1918) ورافيل(Ravel 1875-1938) الكثير من ألوان الفن الحديث وخطوطه وأناقته وروحيته، ويبقى الفنان التشكيلي النمسوي غوستاف كليمت (Kliemt 1867-1918) أعظم ممثلي الفن الحديث وأشهرهم. كما ارتبط الفنان الفرنسي الكبير تولوز لوتريك بهذا الفن في ملصقاته الشهيرة التي روجت لحانات باريس وملاهيها، مثل مولان روج.
ويمكن تصنيف الفن الحديث على أنه فرع من فروع المدرسة الانطباعية، إذ نلمس فيه أيضاً الأهمية القصوى للألوان، ولا يمكن فصل ظهور هذا الفن عن التطور الاقتصادي والاجتماعي والعلمي الذي وصلته أوروبا في ذلك العصر، فالصناعة قد ترسخت وتطورت بفضل عاملين هما: تقدم التقنية، والنهب الاستعماري المتواصل والكثيف للثروات المستعمرات. وفي ذلك الوقت بدأت ثمرة الرخاء في أوروبا تنضج بعد أن رويت بعرق شعوب المستعمرات وجيوش العمال ودموعهم ودمائهم، والذين كانوا يعيشون في ظروف حياتية بائسة. وأخذت الاكتشافات العلمية العظيمة في الكيمياء والفيزياء تتوالى في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ومنها ما كان له صلة مباشرة بالفنون كابتكار التصوير الفوتوغرافي. ولا ننسى أن روح العصر التي سادت عند ولادة القرن العشرين كانت نابعة من العلم والصناعة واشتداد الحراك الاجتماعي، وهي التي حددت معالم الاتجاهات الفنية أكثر من أي وقت مضى. الاسم :عمرو الزعبي
الصف :التاسع هاء
المدرسة:حسان بن ثابت