بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. اللغات عمومًا على الأرض كلها تحظى بعناية أصحابها, وتحتل في حياتهم المكانة الكبرى والعظمى, واللغات هي وسيلة التخاطب والتفاهم, لا يستغني عنها أحد, واللغة العربية هي عندنا كذلك, لكنها تزيد على ذلك أنها عبادة, فممارسة اللغة عبادة, والتعامل بهذه اللغة إحياءً لأصولها وحرصا على سلامتها مع استشعار هذه النية نوع من أعظم العبادات, وتأتي أهمية اللغة العربية - وأعظم ما يجعلها مهمة في حياتنا - أنها لغة القرآن الكريم, وهي لغة الإسلام, وترتبط اللغة العربية في حياة المسلمين جميعًا بأداء الشعائر, فهي لغة تستمد عظمتها من مكانة القرآن والإسلام, والقاعدة الشرعية تقول: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب, ولما كانت قراءة القرآن واجبة والتعرف على أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة, والتعرف على قواعد العبادات والعقائد أمورًا واجبة, وكان لا يمكن التوصل إليها إلا باللغة العربية - كانت اللغة العربية لها درجة الوجوب نفسها التي تجب لكتاب الله تعالى وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم, من هنا كانت اللغة العربية تمثل لهذه الأمة هويتها, وتمثل لها استمراريتها في الحياة, وتمثل كذلك عمقها الإيماني وعمقها الروحي, وارتباطها التاريخي, فأنت لا تستطيع أن تميز أو أن تفصل بين الأمة العربية وبين اللغة العربية إلا إذا أمكنك أن تفصل بين الروح والجسد, فهي لغة تمتزج بكيان الأمة, وتستمد الأمة منها سيادتها وتميزها وهويتها وعمقها الحضاري.