البحر
البحر :
- يشق الأرض : واعتمادا على طريقة شق الأرض فإنه هناك ( شكلين للبحر )
أنواع البحر ( اعتماد على طريقة تكون الشق البحري )
· وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿فاطر: ١٢﴾
· هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴿يونس: ٢٢﴾([1])
· وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ([2]) يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ([3]) مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿لقمان: ٢٧﴾
... في الآيات السابقة يتضح نوعي البحر
أولا : (بحار للتجميع) : يكون البحر واسع وراكد ومياهه مالحة وهذه النوعية مرفودة كالبحر الأبيض والأحمر ، والشق في هذا النوع ناتج عن صدع ([4])وفالق أو خسف والحركات التكتونية في الأرض تؤدي إلى تباعد اليابسة عن بعضها ، مثلما حدث عند تباعد القارات([5])من قارة بانغايا وتشكل البحار الداخلية ويؤدي وجود هذا الشقوق العملاقة والعميقة إلى تجمع الماء في تلك المنطقة لإنخفاض اليابسة عما حولها، فهي أحواض كبيرة تمتلئ بالماء من مياه الأمطار والبحار الرافدة النهرية ، ومياه هذه النوعية من البحار مالحة وهي واسعة الحوض عميقة ومياهها راكدة .
- ثانيا : (بحار للجريان) : يكون البحر ضفتاه متوازيتان([6]) وهذه البحار مشهورة بالنهر([7]) الذي يجري فيه الماء دفعا بسرعة وله اتجاه واحد تحدده اتجاه حركة الماء فيه وبكميات كبيرة على طوال العام ويكون الماء فيه عذبا فرات وهذه النوعية رافدة لبحار التجميع كنهر النيل ، فالشق في هذا النوع ناتج عن أثر الماء المضرب الذي يجري ويتحرك في الشق من منبع متدفق أو ثلوج منصهرة أو مياه أمطار التي تتجمع في الأودية أو كل ذلك أو بعضه مع شدة انحدار بين نقطة المنبع ونقطة المصب ) فالبحر هنا (هو الحوض والمكان الذي يحوي اليم ويجري فيه (واليم هو ماء النهر المضطرب المتلاطم الذي يجري في البحر)
- واسع سطحه المائي ويوسع المسافة بين الأرض : فالبحر كبير وواسع وبعيد بين الضفتين
- البحر عميق([8]) : فلا يمكن أن تجري([9]) فيه الفلك الثقيلة إلا إذا كان عميقا ( فالمميز الرئيس للبحر عمقه وجريان الفلك فيه )([10]) .
- البحر يحوي كائنات حية حل طعامه في وقت الحل والحرم([11]) .
أين يقع مجمع البحرين الذي وصل له موسى عليه السلام وفتاه
﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴿٦٠﴾ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴿٦١﴾فَلَمَّا جَاوَزَا([12]) قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا ﴿٦٢﴾ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴿٦٣﴾ قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا ﴿٦٤﴾الكهف
سنبدأ من (قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا )
كان مسير نبي الله موسى عليه السلام وفتاه من الفجر إلى الظهر تقريبا ( وقت الغدو ) أي 6 ساعات تقريبا وسرعة الماشي = 4.712 كم / الساعة تقريبا ([13])
الجامع الصغير وزيادته (ص: 408)" ... فقال : من يعمل من غدوة إلى نصف النهار على قيراط قيراط ؟ فعملت اليهود ..." ( صحيح )
فالمسافة المقطوعة إلى وقت الغدو ( من بداية الحركة وحتى مجمع البحرين )
= السرعة ´ الزمن = 4.712 كم/الساعة(وسرعة الماشي ) ´ 6ساعات ( مدة المسير ) = 28.272 كم
وهي نفس المسافة التي تبدأ من جبل الطور الأيسر في القدس( زيتا )([14]) أحد مشارف ومداخل جبل الطور الأيمن – المسجد الأقصى([15]) ، وحتى ملتقى البحر الميت مع نهر الأردن السفلي ([16])المكان المقصود الوصول له .
مصب نهر الأردن السفلي بالبحر الميت ( مجمع البحرين ) – العذب الفرات والملح الأجاج
المسافة بين مجمع البحرين ( العذب الفرات والملح الأجاج ) وأبعد منطقة لبني إسرائيل يمكن الوصول لها بالقرب من المسجد الأقصى
فبني إسرائيل ما زالوا في زمن التيه وممنوعون من دخول الأرض المقدسة ، فقد تكون مساكن بني إسرائيل في جبل الطور الأيسر( زيتا- أبعد منطقة مصرح لبني إسرائيل يمكن الوصول لها بالقرب من المسجد الأقصى ) ، علما أن قبر نبي الله موسى عليه السلام في مقبرة الرحمة([17]) أسفل الجدار الشرقي لحائط المسجد الأقصى والذي لا يبعد عن نقطة الإسناد التي اعتمدنا عليها سابقا 2 كم وكأن هذه المنطقة من المناطق المسموح لبني إسرائيل التواجد فيها ، فهذه المنطقة من المناطق المسموح لبني إسرائيل التجوال والحركة فيها فهي معروفة لديهم([18])
والله أعلم
([1]) الآية التالية توضح نوعي البحر ( الرافد والمرفود ) فالتسيير يكون في نوعية البحار الرافدة وجريان الفلك بريح طيبة أو ريح عاصف يكون في نوعية البحار المرفودة
([2]) بحر حوضي ( مرفود )
([3]) بحر نهري ( روافد )
([4]) وقيعان هذه النوعية من البحار ملتهبة بالحمم البركانية لأنها أماكن تصدع وشقوق وتوسع للقشرة الأرضية
وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ﴿الطور: ٦﴾
([5]) راجع حركة الصفائح التكتونية
([6]) ومثال على نوعية هذا البحر بحر النيل ، والمجاوزة ( دليل على توازي ضفتاه ) : تكون من حد إلى مقابل له ويوازيه وفيه نوع من التشابه ولا يكون ذلك إلا للبحر النهري
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿يونس: ٩٠﴾
([7]) الفرق بين البحر والنهر مع أن كلاهما يجري في شق ( بداية كلاهما يطلق عليه نهر ولكن البحر النهري له صفات خاصة )، فالبحر دائم الماء فيه على طول العام و له قدرة على جريان الفلك الثقيلة فيه لعمقه والبعد بين ضفتيه ووجود الأسماك فيه وكائنات أخرى وهو أقدم عمرا وتكوينا جيولوجيا والثاني ليس كذلك أو شرطا لازما ، فنهر النيل بحرا ونهر الأردن ليس كذلك في الوقت الحالي فجيولوجية المياه السطحية تتغير عبر العصور والحقب الزمنية .
- اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ ﴿ابراهيم: ٣٢﴾
- رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿الإسراء: ٦٦﴾
- وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿النحل: ١٤﴾
([8])
· العمق يؤدي إلى تكون طبقات فوق بعضها البعض ، وكمية الضوء التي تصل كل طبقة تقل مع الإنخفاض فتزداد الظلمة . وقد يوحي معنى الظلمة السعة الشاسعة التي لا يمكن معها الهداية إلى الوجهة والطريق الصحيح لتشابه النظر والمشاهد من جميع الجهات
- قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴿الأنعام: ٦٣﴾
- وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿الأنعام: ٩٧﴾
- أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿النمل: ٦٣﴾
· والعمق يساعد على تكون الأمواج بعضها فوق بعض
- أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ﴿النور: ٤٠﴾
([9]) والجريان لا يكون إلا موجيا وهذه الحركة تحتاج إلا عمق المياه
([10]) ... وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ ... ﴿البقرة: ١٦٤﴾
([11])الحيتان حيوانات ثديية بحرية تعيش أغلبها في المياه العميقة
- أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿المائدة: ٩٦﴾
- وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴿الأعراف: ١٦٣﴾
([12]) جاوز : تخطى وتعدى بنجاح للضفة المقابلة من منطقة البحر العذب الفرات النهري وليس من البحر الأجاج عند ملتقى مجمع البحرين ( دائما مرحلة التي فيها جواز شيء تضمن النجاح في امتحان أو اختبار فيه صعوبة ومشقة وتعب لاجتيازه )
([13]) راجع البحوث التالية
· الريح العاصف التي كانت تجري بأمر سيدنا سليمان عليه السلام
· المسافة التي يقطعها شخص حول الأرض في سنة قمرية ليل نهار = محيط الأرض
([14]) بداية حدود التيه ( بدابة المنطقة الحلال التجوال والحركة فيها ) ، راجع بحث الطور وقبر موسى عليه السلام .
([15]) المنطقة المحرمة على بني إسرائيل
([16]) يصب في نهر الأردن السفلي روافد نهر اليرموك ونهر الزرقاء ووادي كفرنجة وجالوت
([17]) راجع بحث ا لطور وقبر موسى عليه السلام
([18]) وهي (المنطقة الذهبية) لتجوال ومجال حركة سيدنا موسى عليه السلام خاصة ولبني إسرائيل عامة فهو يعلم قدسية ومكانة هذا المكان بل كان عدم امتثالهم لدخول ذلك المكان هو السبب الرئيس للعقوبة الإلهية .
قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴿المائدة: ٢٦﴾
أما المنطقة الأعم والأوسع لمجال حركة وتجوال بني إسرائيل فهي تمتد حتى البتراء ووادي موسى جنوبا ( المنطقة الغربية للبحر الميت بشريط عرض لا يتجاوز 20 كم ) ، ولهذا كانت بين بني إسرائيل وشعوب تلك المناطق التي تمركزت شرق وغرب نهر الأردن بعض أنواع من التواصل والاحتكاكات المنفعية أو التنافسية كالتجارة والغزو .