نظرية السائل السعري. كان معظم الفيزيائيين حتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي يعتقدون أن الحرارة مائع غير مرئي يُسمّى السائل السعري. واعتقدوا أن الأجسام تسخن عندما ينساب السائل السُّعري إليها وتصير باردة عندما ينساب خارجًا منها. ولأن الأجسام لها الوزن نفسه سواء أكانت ساخنة أم باردة، فقد استنتج الفيزيائيون أن السائل السعري ليس له وزن، وبالتالي لا يمكن أن يكون مادة.
وأثارت بحوث شخصين في حوالي أواخر القرن الثامن عشر الميلادي أسئلة عن الحرارة عجزت نظرية السائل السعري عن الإجابة عليها؛ ففي عام 1798م شاهد الفيزيائي الأمريكي المولد بنيامين تومسون، الذي يعرف أيضًا بلقب كونت رومفورد، عملية صناعة المدافع بميونيخ في ألمانيا. لاحظ هذا الفيزيائي أن المثقابات التي تستخدم في ثقب المدافع، تنتج حرارة بالاحتكاك حتى بعد أن تصير كليلة ولم تعد تقطع أيّ جزء من الفلز. ولا تستطيع نظرية السائل السعري تفسير انبعاث الحرارة إلا إذا كان المثقاب يقطع بالفعل فلزًا. ومع ذلك، تنتج كمية من الحرارة غير محدودة متى ما أدير مثقاب ليدور على فلز حتى لو لم يقطعه المثقاب.
وفي عام 1799م، صهر الكيميائي البريطاني السّير همفري ديفي، قطعتين من الثلج بدلكهما معًا داخل إناء عند درجة حرارة تحت نقطة تجمد الماء. وعجزت نظرية السائل السعري مرة أخرى عن تفسير عملية إنتاج الحرارة. وأثارت ملاحظات تومسون وديفي شكوكًا حول نظرية السائل السعري. ولكن لم يقترح أحد تفسيرًا آخر للحرارة.
الحرارة والطاقة. بُرْهِنَتْ فكرة أن الحرارة شكل من أشكال الطاقة في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. ولقد طوّر البرهان إلى حد كبير ثلاثة أشخاص هم جوليوس روبرت فون ماير، وهو طبيب وفيزيائي ألماني، وهيرمان فون هيلمولتز، وهو فيزيائي ألماني، وجيمس جول، وهو فيزيائي بريطاني.
لاحظ ماير أن الناس في المناخات الباردة والمناخات الساخنة يحتاجون كميات مختلفة من طاقة الطعام للحفاظ على درجة حرارة أجسامهم عند الدرجة الطبيعية المعتادة. ونشر أبحاثه في عام 1842م، ولكنها لم تحظ بتطوير علمي لعدد كبير من السنين. وفي عام 1847م، نشر هيلمهولتز بحثًا عن الحرارة والطاقة، وأورد في بحثه هذا أن الحرارة شكل من أشكال الطاقة، وحظيت فكرته هذه بقبول سريع.
خلال الأربعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، قاس جول كمية الطاقة الميكانيكية اللازمة لرفع درجة حرارة كمية معينة من الماء بدرجات حرارة معينة. وسُمِّيت العلاقة بين الطاقة الميكانيكية والطاقة الحرارية المكافئ الميكانيكي للحرارة.
ودلت تجارب جول المبكرة على أن 4,507 جول من الطاقة الميكانيكية تنتج سُعرًا حراريًا واحدًا. وقام الفيزيائيون في وقت متأخر بعد ذلك بقياسات أكثر دقة للمكافئ الميكانيكي للحرارة، فوجدوه يساوي 4,182 جول لكل سُعر حراري. ويرجع مُسمَّى الجول إلى الفيزيائي البريطاني جيمس بريسكوت جول.
الدينامكية الحرارية. هي علم دراسة العلاقة بين الحرارة وأشكال الطاقة الأخرى. وهي مبنية على ثلاثة قوانين.
والقانون الأول للدينامية الحرارية هو قانون بقاء الطاقة. ويقرر هذا القانون أن الطاقة تحتفظ بمقدارها، لا تنقص ولا تزيد خلال العمليات الطبيعية. ويمكن أن تغير الطاقة شكلها مثلاً، من طاقة داخلية إلى طاقة حركية ميكانيكية ولكن تبقى الطاقة الكلية لأي منظومة مقدارًا ثابتًا.
ووفقًا للقانون الثاني تعمل كل الأحداث التلقائية (الطبيعية) لزيادة الإنتروبي (أي درجة الفوضى) داخل المنظومة. يمكن أن تبذل منظومة شغلاً مفيدًا مستمرًا حتى تصل إلى أقصى إنتروبي أو فوضى ممكنة لها. ولكن عندما تبذل منظومة شغلاً فإن الإنتروبي تزداد إلى أن تصبح المنظومة عاجزة عن بذل أي شغل بعد ذلك.
ويتعلق القانون الثالث للدينامية الحرارية بالصفر المطلق. ويقرر هذا القانون أنه لايمكن خفض درجة حرارة أي منظومة إلى الصفر المطلق