عندما تنساب الحرارة إلي داخل جسم أو تخرج منه يمكن أن تحدث تغييرات في ذلك الجسم بثلاث طرق. فالحرارة يمكن أن تسبب تغييرات في: 1- درجة الحرارة و2- أبعاد الجسم (طول، مساحة، حجم) 3- حالة المادة.
[size=13]التغيّرات في درجة الحرارة. تُعتبر من أكثر الآثار المترتبة على انسياب الحرارة شيوعًا. وتسمى كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة جرام واحد من مادة درجة مئوية واحدة السعة الحرارية النوعية لتلك المادة. ويطلق غالبًا على السعة الحرارية النوعية، اسم الحرارة النوعية. ويستعمل العلماء الحرارة النوعية للماء ـ التي تساوي واحدًا ـ كمرجع قياسي لحساب الحرارة النوعية لكل المواد.
يمكنك أن تعرف الارتفاع الذي يحدث في درجة حرارة جسم عندما تنساب إليه كمية معلومة من الحرارة إذا عرفت كتلة ذاك الجسم (مقدار ما يحتويه الجسم من مادة) والحرارة النوعية لمادته. أولاً، اضرب كتلة الجسم في الحرارة النوعية لمادته. ثم بعد ذلك اقسم كمية الحرارة التي أضيفت إلى الجسم على حاصل الضرب أعلاه. مثلاً، إذا انتقلت عشرة سعرات من الحرارة في جرام واحد من الماء، فكم درجة ترتفع درجة حرارة الماء؟ حاصل ضرب جرام واحد في حرارة نوعية مساوية 1، يعطي واحدًا. وحاصل قسمة عشرة سعرات على 1 يساوي ارتفاعًا في درجة الحرارة مقداره عشر درجات مئوية.
ويحتاج الجسمان المتساويان في الكتلة وفي درجة الحرارة والمختلفان في الحرارة النوعية إلى كميتين مختلفتين من الحرارة المضافة لترتفع درجتا حرارتيهما بذات المقدار. ترتفع درجة حرارة الجسم ذي الحرارة النوعية المنخفضة بمقدار أكبر من المقدار الذي ترتفع به درجة حرارة الجسم ذي الحرارة النوعية المرتفعة عندما يستقبل الجسمان كميتين متساويتين من الحرارة المضافة. فمثلاً، يُحْتَاج إلى عشرة سعرات من الحرارة لرفع درجة حرارة جرام واحد من الماء عشر درجات، ولكن عشرة سعرات من الحرارة ترفع درجة جرام واحد من النحاس 111 درجة. والنحاس له حرارة نوعية منخفضة ومساوية 0,09 بالمقارنة مع الحرارة النوعية للماء التي تساوي 1.
تغيُّرات الأبعاد. كما رأينا سابقًا، تزداد حركة ذرات أو جزيئات جسم عندما تنساب إليه حرارة. ونتيجة لزيادة حركة الذرات أو الجزيئات، فإنها تحتل حيزًا أكبر ولذا يتمدد الجسم. ويحدث العكس عندما تخرج الحرارة من الجسم، حيث تتحرك الذرات أو الجزيئات ببطء أكبر. وتحتل بالتالي، حيزًا أقل ومن ثم ينكمش الجسم.
تتمدد كل الغازات ومعظم السوائل والمواد الصلبة عندما تسخن، ولكنها لا تتمدّد بنفس المعدل. فعندما يستقبل غاز وسائل وجسم صلب كميات من الحرارة تكفي لرفع درجات حرارتها بمقادير متساوية فإن الغاز يكون هو الأكثر تمددًا والسائل يكون أقل منه بكثير في التمدد، بينما يكون الجسم الصلب هو الأقل تمددًا.
ويعمل المحرار ومنظم الحرارة (الثيرموستات) وعدة أجهزة حرارية أخرى على أساس مبدأ التمدُّد والانكماش. ويحوي كثير من المحارير سائلاً كالكحول أو الزئبق يتمدد أو ينكمش بمقادير متساوية نتيجة التغيُّرات المتساوية في درجة الحرارة. ويحْدِث الارتفاع أو الانخفاض في درجة الحرارة تمددًا أو انكماشًا طفيفًا في حجم السائل. ولكن عندما نضع السائل في أنبوب ضيق المجرى، فإن عمود السائل داخل الأنبوب يتغير تغيرًا يكفي لملاحظة التغير في درجة الحرارة.
وتؤدي تغيرات درجة الحرارة إلى تمدد وانكماش المواد المستخدمة في الجسور والمباني والمنشآت الهندسية الأخرى أيضًا. ويُمكن أن يسبب هذا التمدّد أو الانكماش مشكلات معقدة ذات عواقب وخيمة مالم يضع له المصممون اعتبارًا خاصًا؛ فأعمدة الحديد المستخدمة في مبنى ما مثلاً، ستنحني أو تنكسر ما لم يُترك لها حيز للتمدّد. ولهذا السبب، تحوي المنشآت الهندسية وصلات التمدُّد التي توفر حيزًا لتمدد أو انكماش المواد الموصلة بها عندما تتغير درجة الحرارة دون إحداث أيّ تلف.
وتمكِّن معرفةُ معامل التمدد الطولي للمادة، المهندسين من تحديد الزيادة أو النقصان في طول أي مادة عندما تتغير درجة الحرارة. ويدل معامل التمدّد الطولي على الزيادة التي تحدث في طول كل متر من المادة عندما تزيد درجة حرارة المادة درجة واحدة. فمعامل التمدّد الطولي للألومنيوم 0,00023ولذا فإن طول كل متر من قضيب الألومنيوم يزيد بمقدار 0,000023 من المتر مع زيادة درجة مئوية واحدة على درجة حرارة القضيب.
[size=13]تغيرات الحالة. تتغير درجة حرارة جسم عادة عندما تنساب إليه حرارة. ولكن في ظروف محدّدة، لا تسبب إضافة الحرارة تغيرًا في درجة حرارة الجسم الذي تنساب إليه. وبدلاً من ذلك يزداد تبعثر واضطراب ذرات أو جزيئات الجسم مما يسبب تحولاً في حالة مادة الجسم.
وإذا أضيفت حرارة إلى قطعة من الثلج درجة حرارتها أبرد من صفر°م، فإن درجة حرارتها ترتفع حتى تصل إلى صفر°م، وهي نقطة انصهارها. ومن ثَمّ يتوقف الارتفاع في درجة حرارة القطعة لفترة من الزمن. وبالرغم من انسياب مزيد من الحرارة للقطعة، فالحرارة المضافة، تحت هذه الظروف، تزيد من تبعثر واضطراب جزيئات قطعة الثلج وتتسبب في انصهارها. ولكن درجة حرارة الماء المتكوّن تبقى في صفر°م حتى تنصهر كل القطعة. وتسمى كمية الحرارة اللازمة لتحويل الثلج إلى ماء حرارة الانصهار. ويحتاج كل جرام من الثلج عند صفر°م إلى 80 سُعرًا من الحرارة لصهره إلى ماء درجة حرارته صفر°م.
وعندما يمتص الماء المتكون عند درجة الصفر المئوي مزيدًا من الحرارة، فإن درجة حرارته ترتفع ثانية حتى تصل إلى 100°م، وهي نقطة غليان الماء. وعندئذ لا يرفع إضافة مزيد من الحرارة تحت تأثير الضغط الجوي الطبيعي درجة حرارة الماء، وبدلا من ذلك يتحول بعض الماء إلى بخار. ولا تجعل إضافة مزيد من كمية الحرارة درجة الحرارة ترتفع مرة ثالثة، إلا بعد أن يتحوّل كل الماء إلى بخار. وتُسمَّى كمية الحرارة اللازمة لتحويل الماء عند 100°م إلى بخار عند نفس درجة الحرارة حرارة التبخر. ويحتاج كل جرام من الماء درجة حرارته 100°م، إلى 540 سُعرًا حراريًا لتحويله إلى بخار عند نفس درجة الحرارة. وإضافة مزيد من الحرارة إلى البخار المتكوّن سيرفع درجة حرارته فوق 100°م.
ويمكن أن يتحول سائل إلى بخار عند درجة حرارة أقل من درجة غليانه بوساطة التبخر. وتحدث عملية التبخر عند سطوح السوائل. فالجزيئات الموجودة على السطح تتخلص من ارتباطها بالجزيئات الموجودة تحت السطح وتفْلت من سطح السائل وتدخل في الهواء كغاز. وتعتمد سرعة حدوث التبخر على نوع السائل ودرجة حرارته وكمية بخار السائل الموجودة فوق سطحه.
وتُسمّى كمية الحرارة اللازمة لتحويل جسم صلب إلى سائل أو تحويل سائل إلى غاز الحرارة الكامنة. ويجب إبعاد هذه الكمية من الحرارة من الجسم لإرجاع الغاز إلى سائل أو السائل إلي صلب مرة أخرى؛ أي يجب إبعاد 540 سُعرًا حراريًا من كل جرام من بخار الماء عند 100°م لتحويله إلى ماء. ويجب إبعاد 80 سُعرًا من كل جرام من الماء عند صفر°م لتحويله إلى ثلج. ولنقطتي غليان وتكثيف المادة نفس درجة الحرارة وكذلك الحال بالنسبة لنقطتي الانصهار والتجمُّد. وتحدد كمية الحرارة التي يكتسبها الجسم أو يفقدها حالته.
ويمكن كذلك، ربط الحرارة الكامنة بالتغيرات التي تحدث في بنية البلورات المكونة للأجسام الصلبة. وعمومًا، تحتاج هذه التغيرات إلى حرارة كامنة أقل بكثير من الحرارة الكامنة للانصهار أو التبخر.
[/size]
[/size]