مفهوم الاحتباس الحراري
يمكن تعريف ظاهرة الاحتباس الحراري Global Warming أنه الزيادة التدريجية في درجة حرارة أدنى طبقات الغلاف الجوي المحيطبالأرض؛ كنتيجة لزيادة انبعاثات غازات الصوبة الخضراء greenhouse gases ، فمنذبداية الثورة الصناعية، وغازات الصوبة الخضراء والتي يتكون معظمها من بخار الماء،وثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروز والأوزون هي غازات طبيعية تلعبدورًا مهمًا في تدفئة سطح الأرض حتى يمكن الحياة عليه، فبدونها قد تصل درجة حرارةسطح الأرض ما بين 19 درجة و15 درجة سليسوس تحت الصفر، حيث تقوم تلك الغازات بامتصاصجزء من الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من سطح الأرض كانعكاس للأشعة الساقطة على سطحالأرض من الشمس، وتحتفظ بها في الغلاف الجوي للأرض؛ لتحافظ على درجة حرارة الأرض فيمعدلها الطبيعي.
الاحتباس الحراري في القرآن الكريم
ذكر فضيلةالدكتور زغلول النجار أن الله تعالى خلق كل شيء بحكمة وتقدير بالغين وأن تدخلالإنسان بالإفساد في بيئته مشيرا إلى قول الله تبارك وتعالى ? ظَهَرَ الفَسَادُ فِيالبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِيعَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ?, كما أشار إلى أن الفساد في الأرض يعتبر حرامللنهى الصريح الذي ورد في القرآن الكريم بقول الله تعالى ?وَلاَ تُطِيعُوا أَمْرَالمُسْرِفِينَ . الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ ? (الشعراء:151،152) .
ويبين فضيلة الدكتور أن للفساد أنواع وهى الإفسادالمعنوي في الأرض والتي تشمل فساد الاعتقاد، فساد العبادات، وفساد كل من الأخلاقوالمعاملات.
ثانيا: الإفساد المادي في الأرض ويشمل الإفساد في الأرض بالتلوثالكيميائي للبيئة، الإفساد في الأرض بالملوثات على اختلاف انواعها، والإفساد فيالأرض بالتلوث الإشعاعي
و اتفق العلماء على أن الفساد في البيئة وكلمة الفسادتشمل التلوث والتغيرات المناخية وكل شيء جاوز الحدّ، ومن معاني الفساد (الجدْب) أيالتصحر، وهو ما يحدث اليوم على الأرض حيث يؤكد العلماء أن المساحة الخضراء تتقلصبفعل البشر وسوف تزداد الأراضي الجافة والمتصحرة في الأعوام القادمة بسبب زيادةالتلوث. ويؤكدون أيضاً أن الفساد البيئي يشمل البرّ والبحر، تماماً كما جاء فيالآية الكريمة. (بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) يؤكد العلماء أن التلوث والفسادالبيئي في البر والبحر إنما نتج عن الإنسان، فالناس هم المسئولون عن هذا التغيرالبيئي الخطير، تماماً كما حدثنا القرآن قبل ألف وأربع مئة سنة. (لِيُذِيقَهُمْبَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) وتتضمن هذه الآية تحذيراً للناسفي أن يرجعوا إلى الإصلاح في الأرض وتدارك هذا الفساد البيئي الذي نتج بسبب تجاوزهمالحدود التي خلق الله الأرض عليها وأن يعيدوا للغلاف الجوي توازنه ويقللوا من كميةالملوثات التي يطلقونها كل يوم والتي تقدر بملايين الأطنان!! هذا التحذير هو نفسهالذي أطلقته منظمة الأمم المتحدة قبل أيام!!
الغازات المسببة للاحتباسالحراري
مع بداية الثورة الصناعية ،في حوالي العام 1850 ، بدأ يرتفع تركيز ثانيأكسيد الكربون الجوي ، نجم هذا الارتفاع وبشكل كبير عن إحراق الوقود الأحفوري الذييطلق ثاني أكسيد الكربون كمادة ناتجة فرعية ، قد تتوقع استفادة النبات من تناميثاني أكسيد الكربون في الجو ، إلا أنه في واقع الأمر يمكن لارتفاع منسوب ثاني أكسيدالكربون في الجو إلحاق الضرر بالكائنات الحية ذات البناء الضوئي أكثر من مساعدتها .
يحتجز ثاني أكسيد الكربون و غازات أخرى في الجو بعض حرارة كوكب الأرض ، وهذايجعل الأرض أكثر سخونة ، وقد يؤدي هذا الاحتباس الحراري إلى خفض الهطول على الأرض ،فتتصحر مناطق وقد لا تعود ملائمة لمعظم النباتات .كذلك يتفاعل ثاني أكسيد الكربونفي الجو مع الماء فتنتج هطول حمضية ، يمكن أن تؤدي إلى هلاك النباتات .
ينحوالعلماء باللائمة، على نطاق واسع، على انبعاثات الغازات الناجمة عن النشاط البشريمثل الميثان وثاني أكسيد الكربون والتي تؤدي إلى احتباس الحرارة داخل الغلاف الجويفي تغيرات المناخ، ويقدر العلماء أن ترتفع درجة الحرارة على كوكب الأرض مابيندرجتين إلى ست درجات مئوية
غازات الدفيئة
الغازات المسببة للاحتباس الحراريذات شفافية معقولة بالنسبة للإشعاع الشمسي الداخل ولكنها معتمة نسبياً بالنسبةللإشعاع الحراري ذي الموجات الأطول من سطح الأرض وكلما زاد تركيز هذه الغازات فيالهواء فإن الإشعاع الشمسي المستقبل عند مستوى الأرض لا ينخفض انخفاضاً ملحوظاً فيحين ينخفض انخفاضاً كبيراً فقد الإشعاع الحراري من اليابسة وسطوح المياه إلى الفضاءوتكون النتيجة وجود فائض من الطاقة المتاحة عند مستوى الأرض ومن ثم ارتفاع حرارةهواء السطح . ومن أهم الغازات المسببة للاحتباس الحراري غاز ثنائي أكسيدالكربون
غاز الميثان
نتائج الاحتباس الحراري على الطبيعة والإنسان
يحتويالجو حاليا على 380 جزءا بالمليون من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يعتبر الغازالأساسي المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري مقارنة بنسبة الـ 275 جزءً بالمليون التيكانت موجودة في الجو قبل الثورة الصناعية. ومن هنا نلاحظ أن مقدار تركيز ثاني أكسيدالكربون في الغلاف الجوي أصبح أعلى بحوالي 30% عما كان عليه تركيزه قبل الثورةالصناعية.
إن مقدار تركيز الميثان ازداد إلى ضعف مقدار تركيزه قبل الثورةالصناعية ، وكذلك الكلوروفلوركاربون يزداد بمقدار 4% سنويا عن النسب الحالية ، أماأكسيد النيتروز أصبح أعلى بحوالي 18% من مقدار تركيزه قبل الثورةالصناعية.
ونلاحظ أيضا ما يلي:
أ- ارتفع مستوى المياه في البحار من 0.3-0.7قدم خلال القرن الماضي.
ب- ارتفعت درجة الحرارة ما بين 0.4 – 0.8°س خلال القرنالماضي حسب تقرير اللجنة الدولية المعنية بالتغيرات المناخية التابعة للأممالمتحدة.
السريع الناتج من الاحتباس الحراري حيث أن ارتفاع الحرارة سيقضي علىثلاثة أرباع الثلوج المتراكمة على قمم جبال الألب بحلول عام 2050 مما يتسبببفيضانات مدمرة في أوروبا واعتبرت هذا تحذيرا يجب التنبه إليه.
أيضا فان مننتائج ظاهرة الاحتباس الحراري ، ارتفاع مستوى سطح البحر 48 سم مما يمكن أن يهددالمباني والطرق وخطوط الكهرباء وغيرها من البنية الأساسية في المناطق ذات الحساسيةالمناخية. ويقول العلماء إن ارتفاع مستوى البحر بالمعدلات الواردة في التقرير يمكنأن يغمر حي مانهاتن في نيويورك بالماء حتى شارع وول ستريت.
وفي جبال الهيملاياوجدت 20 بحيرة جليدية في نيبال و24 بحيرة جليدية في بوتان قد غمرت بالمياه الذائبةفوق قمة جبال الهيملايا الجليدية مما يهدد المزروعات والممتلكات بالغرق والفيضاناتلهذه البحيرات لمدة عشر سنوات قادمة.
ويرجح العلماء أن سبب ذلك هو امتلاء هذهالبحيرات بمياه الجليد الذائب. وحسب برنامج البيئة العالمي وجد أن نيبال قد زادمعدل حرارتها درجة مئوية واحدة وأن الغطاء الجليدي فوق بوتان يتراجع 30 إلى 40متراً في السنة. وهذه الفيضانات لمياه الجليد جعلت سلطات بوتان ونيبال تقيم السدودلدرء أخطار هذه الفيضانات.
وكان بحث نشر في مجلة نيتشر (الطبيعة) يوم 16نوفمبر/تشرين الثاني عام 2005 قد اظهر أنه في حال تسبب الاحتباس الحراري في ذوبانالأنهار والجبال الجليدية والكتل الثلجية السنوية، فمن المحتمل أن تواجه المجتمعاتالتي تعتمد على هذه المصادر كوارث طبيعية مدمرة ، أيضا ونتيجة ارتفاع درجة حرارةالمناخ العالمي خلال القرن الماضي نصف درجة مئوية أخذ الجليد في القطبين وفوق قممالجبال الأسترالية في الذوبان بشكل ملحوظ. ولاحظ علماء المناخ أن مواسم الشتاءازدادت خلال الثلاثة عقود الأخيرة دفئًا عما كانت عليه من قبل وقصرت فتراته. فالربيع يأتي مبكرًا عن مواعيده. وهذا يرجحونه لظاهرة الاحتباس الحراري. ويعلقالعالم (جون مورجن) علي هذه الظاهرة المحيرة بقوله: إن أستراليا تقع في نصف الكرةالجنوبي. وبهذا المعدل لذوبان الجليد قد تخسر تركة البيئة الجليدية خلال هذا القرن. وقد لوحظ أن الأشجار في المنطقة الشبه قطبية هناك قد ازداد ارتفاعها عما ذي قبل. فلقد زاد ارتفاعها 40 مترًا على غير عادتها منذ ربع قرن. وهذا مؤشر تحذيري مبكرلبقية العالم .لأن زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري قد تحدث تلفًا بيئيًا في مناطقأخرى به. وهذا الإتلاف البيئي فوق كوكبنا قد لا تحمد عقباه .فقد يزول الجليد منفوقه تمامًا خلال هذا القرن. وهذا الجليد له تأثيراته على الحرارة والمناخ والرياحالموسمية.
كذلك فان من نتائج الاحتباس الحراري ، انقراض أنواع كثيرة من الطيوروالنباتات. وقد أكد الخبراء أن نحو 70 نوعًا من الضفادع انقرضت بسبب التغيراتالمناخية، كما أن الأخطار تحيط بما بين 100 إلى 200 من أنواع الحيوانات التي تعيشفي المناطق الباردة. ونقلاً عن (الأسوشيتد برس)، تقول الاختصاصية في علم الأحياءبجامعة تكساس كاميل بارميسان: «أخيرًا نحن نشاهد انقراض عينات من الأحياء.. لديناالأدلة.. إنها هنا.. إنها حقيقة.. إنها ليست مجرد حدس علماء الأحياء بل حقائقتحدث». ويبدي العلماء قلقًا بالغًا تجاه بعض حيوانات المناطق الباردة مثل البطريقوالدببة القطبية وكيفية تأقلمها مع سرعة ارتفاع حرارة الأرض، فقد تراجعت أعداد «البطريق الإمبراطور» من 300 زوج بالغ إلى تسعة فقط في القطب الغربي فضلاً عنالدببة القطبية التي تراجعت أعدادها وأوزانها. وفي السياق ذاته، أعلنت الحكومةالبريطانية عن تقرير كانت قد أعدته عن ظاهرة الاحتباس الحراري الكوني، أكد أن فرصبقاء الإنبعاثات الغازية الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري تحت المستويات «الخطرة»، ضئيلة جدًا.
أيضا يسهم الاحتباس الحراري في زيادة معدل انتشار الأمراضوالأوبئة المستوطنة مثل الملاريا وحمى الضنك والتيفود والكوليرا بسبب هجرة الحشراتوالدواب الناقلة لها من أماكنها في الجنوب نحو الشمال، وكذلك بسبب ارتفاع الحرارةوالرطوبة ونقص مياه الشرب النظيفة.
هذا وقد وجد الباحثون أن ارتفاع درجة الحرارةيؤدي إلى تدمير أو انخفاض إنتاجية بعض الموائل الطبيعية الحيوية، وعلى رأسها الشعابالمرجانية والغابات المدارية، وهي من أهم الموائل على ظهر الأرض ومن أكثرها عطاءللإنسانية، تتبع ذلك زيادة معدلات انقراض الكائنات الحية كنتيجة مباشرة لتدمير مثلهذه الموائل وعدم قدرة الكثير من كائناتها على التأقلم مع التغيرات الجديدة.
ومنجانب آخر يؤدي هذا الخلل البيئي الخطير إلى زيادة نسبة الأراضي القاحلة وانخفاضالإنتاجية الزراعية كنتيجة مباشرة لزيادة نسبة الجفاف وتأثر عدد كبير من المحاصيلالزراعية سلباً بتغير درجة الحرارة والمناخ ، وتغير أنماط الأمطار والثلوج وتياراتالمحيطات وارتفاع ملوحة وحموضة مياه البحر، وما يتبع ذلك من زيادة موجات الجفافوحرائق الغابات وحدة العواصف وغير ذلك من الاضطرابات المناخية
يقول الدكتورزغلول النجار : وخطر الاحتباس أنه يؤدي إلى إذابة الثلوج على الأرض في القطبينوبالفعل بدأت بعض الثلوج تنصهر في جرين لاند وجبال الألب ، ولا تتخيل أن هذه الثلوجتبدأ في الانصهار عند ارتفاع درجة حرارة الأرض 0.6 من الدرجات المئوية ، و4 إلي 5درجات تصهره بالكامل ، ولو صهر يرفع منسوب الماء في البحار والمحيطات لأكثر من 100متر ، ولك أن تتخيل أن منسوب الماء ارتفع إلى هذا الحد ستغرق الدنيا وأغلبالعمران على بعد 50 متر من البحار والمحيطات ، وليس هذا فقط بل أن الاحتباس الحرارييؤدي أيضا إلى اختلاف مناطق الضغط المرتفع والمنخفض ، ويسبب أعاصير ، ويسبب خرابكبير في المناخ ، مناطق كاملة خضراء وعامرة تصاب بالجفاف ، مناطق جافة تغرقبالأمطار ، يسبب وجود هذا الخلل ، فسبحان الله تجد أن أي اختلاف في النظام البيئيعلى الكرة الأرضية إذا كان طبيعيا "من عند الله" فأنه يأقلم نفسه بنفسه ، أما إذاكان من عند الانسان فتذكر قوله سبحانه وتعالي ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّوَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوالَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) الروم ، والحقيقة أن هذا الإفساد من عملالإنسان.
اقتراحات لمكافحة الاحتباس الحراري
إن تقليص انبعاث الغازات ليسمثاليا، فهو عرضة للتلاعب، ذلك أن الشركات في الدول الأخرى زادت في بعض الأحيان منإنتاج المواد الملوثة للحصول على فوائد من تقليصها لاحقا. ويمكن أن يستخدم مشروعالقانون المقترح من جانب الكونغرس لدفع الأمور باتجاه تقديم المعونات لبعض المشاريع البيئية.