ولد أرسطو عام 384 قبل الميلاد في مدينة (ستاغيرا) في شمال اليونان، وكان والده طبيبا مقربا من البلاط المقدوني، وقد حافظ أرسطو وتلاميذه من بعده على هذا التقارب. وقد كان لوالده ثأثير كبير عليه لدخوله مجال التشريح ودراسة الكائنات الحية التي منحته القدرة على دقة الملاحظة والتحليل. وفي عام 367 رحل أرسطو إلى اثينا للالتحاق بمعهد افلاطون، كطالب في البداية، وكمدرس فيما بعد. وكان افلاطون قد جمع حوله مجموعة من الرجال المتفوقين في مختلف المجالات العلمية من طب وبيولوجيا ورياضيات وفلك. ولم يكن يجمع بينهم رابط عقائدي سوى رغبتهم في إثرا وتنظيم المعارف الإنسانية، وإقامتها على قواعد نظرية راسخة، ثم نشرها في مختلف الاتجاهات، وكان هذا هو التوجه المعلن لتعاليم وأعمال أرسطو.
وكان من برامج معهد افلاطون أيضا تدريب الشباب للقيام بالمهن السياسية، وتقديم النصائح والمشورة للحكام، ولذا فقد انضم أرسطو عام 347 إلى بلاط الملك هرمياس، ومن ثم، وفي عام 343 دخل في خدمة الملك فيليب الثاني إمبراطور مقدونيا حيث أصبح مؤدبا لابنه الاسكندر الكبير. وبعد سبع سنوات عاد مرة أخرى إلى اثينا ليؤسس مدرسته الخاصة (الليسيوم) أو (المشائية) وسميت كذلك نسبة للممرات أو أماكن المشاة المسقوفة التي كان الطلاب وأساتذتهم يتحاورون فيها وهم يمشون، كما تسمى اليوم جماعات الضغط السياسية في الكونغرس الأمريكي بـ (الوبي) نسبة إلى لوبي أو ردهة مبنى الكونغرس في واشنطن. وقد خالفت (المشائية) تقاليد (أكاديمية) افلاطون بتوسيع المجالات العلمية التي كانت تناقشها واعطت أهمية كبرى لتدريس الطبيعيات. وبعد وفاة الاسكندر الكبير، بدأ الشعور بالكراهية يظهر ضد المقدونيين في أثينا، وقد أثر ذلك على نفسية أرسطو، وقد كان من الموالين للمقدونيين، مما جعله يتقاعد، ولم يمهله القدر طويلا حيث توفي بعد اقل من عام من وفاة الاسكندر، فكانت وفاته في عام 322 قبل الميلاد. َ وعلى الرغم من غزارة إنتاج أرسطو الفكري المتمثل في محاضراته وحواراته الكثيرة، إلا أنه لم يبق منها الا النذر اليسير، فقد ضاع معظمها، ولم يبق سوى بعض الأعمال التي كانت تدرس في مدرسته، والتي تم جمعها تحت اسم (المجموعة الارسطوطالية) بالإضافة إلى نسخة ممزقة من (الدستور الاثيني) الذي وضعه، وعدد من الرسائل والاشعار ومن ضمنها مرثية في افلاطون.