التوتر السطحي
من منا لم يسأل نفسه لماذا قطرة الماء تبقى معلقة في صنبور الماء لبعض الوقت ؟ و لماذا تميل السوائل لجعل سطوحها شبه كروية ؟ أيضاً لم تكون بعض الحشرات قادرة أن تمشي على سطح الماء؟ و كيف بإمكاننا جعل إبرة فولاذية جافة قادرة أن تطفو على سطح الماء إذا وضعت بعناية ؟
التوتر السطحي هو تلك الظاهرة التي تجعل الطبقة السطحيّة لأي سائل تتصرف كورقة مرنة، بحيث يسمح للحشرات بالسير على الماء، والأشياء المعدنية الصغيرة كالإبر، أو أجزاء ورق القصدير من الطفو على الماء، وهوالمسبب أيضا للخاصيّة الشعريّة. وهناك التوتر الواجهي هو اسم لنفس الظاهرة عندما تحدث بين سائلين.
تربط بين جزيئات المادة المتجانسة قوى تسمى قوى الجذب الجزيئية ( قوى التماسك ) تعمل على تماسك جزيئات هذه المادة بعضها ببعض , إن قيمة هذه القوى في السوائل تكون أقل مما عليه في الأجسام الصلبة و هذا ما يفسر تغير شكل السائل بتغير الإناء الموجود فيه , بالإضافة على تلك القوى يوجد قوى تؤثر بين جزيئات السائل و جزيئات الأوساط الأخرى التي تلامسها سواء أكانت حالة تلك الأوساط صلبة أو سائلة أو غازية تدعى هذه القوى ب ( قوى التلاصق ).
تنشأ ظاهرة التوتر السطحي عن قوى التماسك وقوى التلاصق بين الجزيئات عند سطوح السوائل وهي خاصية سطحيه لا وجود لها داخل السائل. وإذا اعتبرنا جزيئاً موجود داخل السائل ، فإنه يكون واقعاً تحت تأثير قوى تجاذب الجزيئات المحيطة به من جميع الجهات ، ولذلك فإن محصلة هذه القوى تساوي صفراً . أما الجزئ الموجود على السطح .. فإنه يقع تحت تأثير قوى جذب الجزيئات التي تحته فقط ، وتكون محصلة هذه القوى إلى أسفل ، أي إن الجزيئات الموجودة عند السطح تكون متأثرة بقوى تشدها ، نحو باطن السائل وفي اتجاه عمودى على سطحه . وعلى هذا الأساس .. فإن الجزئ الذي يصعد إلى سطح السائل سوف ينجذب ، أو يشد فجأة إلى باطن السائل .
وبالتالي فإن الجزيئات الموجودة على سطح لابد لها وأن تكون مختزنة لكمية من الطاقة ، تساوى الشغل الذي بذلته إلى أن وصلت إلى سطح السائل ، أى إن هذه الجزيئات تكون لها طاقة وضع . ومن هنا يتضح أن السطح العلوي من السائل يتكون من جزيئات متراصة ذات طاقة وضعية معينة ، ولهذا فهي في حالة تزاحم ، تحاول أن تتجه مرة أخرى نحو باطن السائل ، وهذا ما يكسب سطح السائل خواص أشبه ما تكون بصفات الغشاء المرن الرقيق المشدود .
و يعرف التوتر السطحي لسائل
بأنه القوى المؤثرة عمودياً على وحدة الأطوال من أى خط مماسى لسطح السائل ، ويقاس معامل التوتر السطحى بوحدات نيوتن / م .
وتعمل قوى التوترالسطحى على إنقاص مساحة سطح السائل إلى أقل ما يمكن، وبما أن الشكل الكروي له أقل مساحة ممكنة لذلك .. فإن قطرات السائل تتخذ دائما شكلاً كروياً بسبب قوى التوتر السطحي المؤثرة عمودياً على سطحها نحو الداخل. و يعتمد شكل السطح للسوائل علي قوي الالتصاق والتماسك فاذا كانت قوة الالتصاق اكبر كان شكل السطح مقعر واذا كانت قوة التماسك اكبر كان شكل السطح محدب
يعتمد التوتر السطحي على نوع السائل والحرارة
1. نوع السائل: أي أنه الحشرة لا تقف على أي سائل. حيث أن هناك ذات توتر سطحي أعلى من سوائل أخرى.
2. درجة الحرارة : يتغير التوتر السطحي مع درجة الحرارة لأنه بتبع الحركة الحرارية لجزيئات السائل، تزداد هذه الحركة بزيادة درجة الحرارة بسبب ضعف القوة المتبادلة بين الجزيئات مما يؤدي إلى نقصان التوتر السطحي.. وبشكل عام كلما ارتفعت درجة حرارة السائل قل الشد السطحي للسائل.
وتقدم ظاهرة التوتر السطحي تفسيراً لإمكانية عمل فقاعات الصابون بينما لا يمكن القيام بعمل فقاعات باستخدام الماء النقي وحده، وذلك لأن الماء النقي لديه قوى توتر سطحي كبيرة، ولكن بإضافة منشطات السطوح (كالصابون) إليه تقل تلك القوى بأكثر من عشر أضعاف، وبذلك يصبح من الممكن عمل فقاعات ذات سطوح كبيرة بكتلة قليلة من السائل.
كما أن إضافة الصابون إلى الماء تجعله منظفاً ممتازاً عبر تقليل توتره السطحي وبالتالي تجعله قادراً على تبليل والإحاطة بالأوساخ لتسهل إزالتها. ويمكنك التحقق من ذلك باستخدام بعض الصابون حتى تتمكن من مزج الماء بالزيت مثلاً. حيث يعمل الصابون في هذه الحالة على تقليل التوتر السطحي متيحاً إمكانية عمل قطرات ضئيلة الحجم من الزيت داخل مقدار من الماء أو العكس. بينما لو لم يكن الصابون موجوداً لما امتزج السائلان وذلك لأن قوى التوتر السطحي لدى كل من السائلين أكبر من قوى تماسك أحدهما مع الآخر. كل هذه الأمور تظهر الأهمية البالغة لظاهرة الشد أو التوتر السطحي.
ونستخدم المستحلبات لتقلل من التوتر السطحي اذ انه يمكن الاستحلاب من تحضير مزيج متجانس ثابت لسائلين غير ممتزجين ولان مثلا بالادويه "الشراب " نحتاج الى ان يكون مكونات السائل متجانسه ومع الرج جيدا تمتزج.
ومن التطبيقات على ظاهر التوتر السطحي
1- للتوتر السطحى اهمية كبيرة فى صناعة الادوية و المنظفات الصناعية.
2- قتل يرقات البعوض :
يلقى الزيت أو الكيروسين فوق سطح الماء ليعمل على قتل يرقات البعوض. فالزيت و الكيروسين لهما كثافة أقل من كثافة الماء و لذلك فهى تطفو فوق سطح الماء .بالإضافة إلى ذلك فكل من الزيت و الكيروسين له توتر سطحى أقل من التوتر السطح للماء لذلك لا يمكن ليرقات البعوض أن تعلق به فتغوص و تغرق بينما تتعلق يرقات البعوض بسطح الماء لكبرالتوتر السطحى له بالنسبة للزيت أو الكيروسين.
3- ويمكن من خلال قياس تغير التوتر السطحي مع تغير تركيز مادة خافضة أو رافعة له معرفة مساحة السطح النوعي لبعض المواد التي لها تطبيقات مهمة في عملية الامتزاز مثل الفحم الفعال
4- أهمية التوتر السطحى فى عملية التنفس
توجد نوع من الخلايا داخل الحويصلات الهوائية (مكان تبادل الغازات داخل الرئتين ) تسمى خلايا حويصلية نوع II وهذه الخلايا تعمل على منع انهيار الحويصلات الهوائية وهي عبارة عن خلايا كبيرة مستديرة تنتج فوسفوليبد يسمى سيرفاكتنت Surfactant وهذه عبارة عن مادة كيميائية منظمة حيث يذوب في طبقة الخلايا الرقيقة التي تبطن الحويصلات .
وطبيعة مادة السيرفاكتنت انها محركة لأداة ضبط الشد ولايضاح ذلك فالماء المحيط بسطح الحويصلات ينتج عنه توتر سطحي ومعروف ان التوتر السطحي هو عبارة عن تآلف جزيئات الماء على أسطح السوائل المحتوية على الماء ويحدث ذلك كنتيجة لوجود الروابط الهيدروجينية في جزئ الماء .
حيث تقوم هذه الروابط الهيدروجينية بجذب جزيئات الماء مع بعضها بقوة اكبر عند سطح السائل عنه في الداخل ( لاحظ ان ذلك هو تفسير لوجود قطرات الندى على اسطح النبات او على سطج زجاجي ). أما بالنسبة للحويصلات الهوائية فيعمل التوتر السطحي على تكوين طبقة مائية تقوم بجذب جدر الحويصلات الهوائية للداخل ولكن يعمل السيرفاكتنت على خفض هذا التوتر السطحي وبالتالي فهو يقلل القوى التي تسبب انهيار الحويصلات الهوائية عن طريق جذب جدرها للداخل ولذلك فالسيرفاكتنت تعتبر المحرك الرئيسي لاداة ضبط الشد.
وفي بعض الحالات تفشل الخلايا الحويصلية من نوع II في انتاج كمية كافية من السيرفاكتنت كما يحدث في حالة الاطفال الذين لم يكتمل نضجهم لولادتهم قبل الميعاد وفي هذه الحالة يسبب التوتر السطحي انهيار الحويصلات الكبيرة وبالتالي يقل مساحة مسطح التبادل وانهيار هذه الحويصلات يحدث بعد ساعات قليلة من الولادة وتسمى هذه الحالة بظاهرة الاجهاد التنفسي أو مرض الجدار الشفاف ويتميز هذا المرض بصعوبة وسرعة التنفس والذي يؤدي بدوره الى الارهاق واذا لم يتم العلاج والاسعاف السريع فقد تنهار الرئتين مسببة الوفاة.