+
----
-طورت فكرة الكواكب من قديم الأزل؛ حيث كانت تعد في الماضي نجوم سيّارة مقدسة حتى أصبحنا نمتلك الآن صورة علمية مفصلة عنها. وقد اتسع مفهومها حاليًا لتشمل مئات الكواكب خارج المجموعة الشمسية. وقد أسهم غموض التعريف الخاص بالكواكب في زيادة الجدل والنقاش العلمي حول الموضوع. في العصور القديمة، لاحظ علماء الفلك كيف أن أضواءً معينة تسري في السماء في اتجاه نجوم بعينها. وقد أطلق قدماء الإغريق على تلك الأضواء "πλάνητες ἀστέρες" (planetes asteres (بمعنى النجوم السيّارة) أو "πλανήτοι" (planētoi (بمعنى السيّارة فقط) ومنه اشتقت كلمة "كواكب" الحالية.[4][5] وكان هذا الاعتقاد سائدًا لأن النجوم والكواكب كانت تبدو لسكان كوكب الأرض كما لو كانت تحوم يوميًا حول الأرض،[6] وكان المفهوم الفطري هو أن كوكب الأرض ثابت ومستقر وغير متحرك.
[عدل] الحضارة البابلية
إن الحضارة البابلية هي أول حضارة معروفة تمكنت من التوصل لنظرية عملية عن الكواكب. وقد عاش البابليون في بلاد ما بين النهرين (العراق حاليًا) في الألفيتين الأولى والثانية قبل الميلاد. ويعد Babylonian Venus tablet of Ammisaduqa أقدم نص فلكي باق عن الكواكب وهو نسخة اكتشفت في القرن السابع قبل الميلاد وهي عبارة عن قائمة ببعض الملاحظات الخاصة بحركة كوكب الزهرة ربما يعود تاريخها إلى بداية الألفية الثانية قبل الميلاد. ويعتبر البابليون هم المؤسسون الحقيقيون لعلم التنجيم الغربي.[7] وهناك نص يسمى Enuma anu enlil كُتب خلال عصر الآشوريين الجدد في القرن السابع قبل الميلاد،[8] وهذا النص يحتوي على بعض التعاويذ المتعلقة ببعض الظواهر السماوية ومن ضمنها حركة الكواكب.[9] أما السومريون، وهم خلفاء البابليون ويعتبرون من ضمن الحضارات الرائدة ويعود إليهم الفضل في اختراع الكتابة، فقد عرفوا كوكب الزهرة على الأقل في عام 1500 ق.م.[10]
[عدل] الحضارة الإغريقية القديمة وحتى أوروبا في العصور الوسطى
النظام البطليموسي للكواكب النظام الحديث القمر عطارد الزهرة الشمس المريخ المشترى زحل
[11] ☾ LVNA ☿ MERCVRIVS ♀ VENVS ☉ SOL ♂ MARS ♄ IVPITER ♃ SATVRNVS
اشتُق النظام الكوني الإغريقي القديم من الحضارة البابلية، حيث الإغريق القدماء في اكتساب العلوم الفلكية من البابليين في حوالي العام 600 ق.م. مثل علوم الكواكب والأبراج.[12] وبحلول القرن السادس قبل الميلاد كان البابليون قد حققوا تقدمًا في العلوم الفلكية يفوق ما حققه الإغريق. والدليل على ذلك هو أن أقدم المصادر الإغريقية، مثل الإلياذة والأوديسة لم يرد بها أي ذكر للكواكب. بحلول القرن الأول قبل الميلاد، بدأ الإغريق في تطوير نظرياتهم الرياضية لتحديد مواقع الكواكب. إن هذه النظريات التي اعتمدت على الهندسة البابلية وليس علم الحساب ستتفوق في النهاية على نظيراتها البابلية من ناحية التعقيد والشمول، كما يعتمد عليها في معظم الحركات الفضائية التي تتم ملاحظتها بالعين المجردة من على سطح الأرض. وقد بلغت تلك النظريات صورتها المثالية في كتاب بطليموس Almagest الذي ألَّفه في القرن الثاني الميلادي. وقد اعتبر هذا النموذج الذي ألفه بطليموس هو المرجع الأساسي في العالم الغربي والذي تفوق على ما عداه من مؤلفات في علم الفلك، وظل على هذه المكانة طيلة 13 قرنًا. كان الإغريق والرومان يعرفون سبعة كواكب وكانوا يعتقدون أن تلك الكواكب تدور حول الأرض وفقًا لقوانين بطليموس. وكان ترتيبهم، وفقًا لقوانين بطليموس، بدءًا من الأرض كالآتي: القمر ثم عطارد ثم الزهرة ثم الشمس ثم المريخ ثم المشترى ثم زحل
عصر النهضة الأوروبية
ربما كانت الخمسة كواكب التي تُرى بالعين المجردة معروفة منذ قديم الأزل، وقد كان لتلك الكواكب آثار بالغة على الأساطير والعلوم الكونية الدينية وعلم الفلك القديم. ومع تطور المعرفة العلمية، تغير مفهوم كلمة "كوكب" من مجرد جسم يهيم في السماء (حول نجم معين) إلى جسم يدور حول الأرض (أو هكذا كان يُعتقد قديمًا)، إلى أن اكتشفنا في القرن السادس عشر أن الكواكب تدور حول الشمس، وذلك بفضل تصديق النموذج الشمسي المركز لـ "كوبرنيكوس" و"جاليليو" و"كيبلر".
[15] عندما تم اكتشاف الأقمار التابعة لكوكبي المشترى وزحل في القرن السابع عشر، كانت تستخدم كلمة "كوكب" و"قمر" بالتبادل، على الرغم من أن كلمة "قمر" أصبحت هي المنتشرة في القرن الثامن عشر.[16] وبحلول منتصف القرن التاسع عشر، ارتفع عدد الكواكب المكتشفة للغاية حيث كان يطلق المجتمع العلمي على أي جسم يدور بشكل مباشر حول الشمس اسم "كوكب".
[عدل] القرن التاسع عشر
الكواكب في بداية القرن التاسع عشر عطارد الزهرة الأرض المريخ فيستا جونو سيريز بالاس المشتري زحل أورانوس
في القرن التاسع عشر، أدرك العلماء أن الأجسام المكتشفة مؤخرًا والتي صنفت على أنها كواكب لمدة نصف قرن (مثل، سيريز وبالاس وفيستا) تختلف تمامًا عن الكواكب التقليدية. إن هذه الأجسام تسبح في المنطقة الفضائية نفسها بين كوكب المريخ والمشترى (حزام الكويكبات)، ولكن كتلتها أصغر بكثير من الكواكب، ولذلك فقد صنفت على أنها كويكبات. وفي ظل غياب أي تعريف رسمي لكلمة "كوكب"، جرى العرف على أن الكوكب هو أي جسم بالغ الضخامة وله مدار حول الشمس. نظرًا للفرق الهائل في الحجم بين الكويكبات والكواكب وبعد خمود جذوة الحماس بعد اكتشاف الكوكب "نبتون" في عام 1846، فإنه لم تكن هناك حاجة ماسة لوضع تعريف رسمي.[17]
[عدل] القرن العشرون
الكواكب منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى 1930 عطارد الزهرة الأرض المريخ المشتري زحل أورانوس نبتون
ومع ذلك، فإنه تم اكتشاف كوكب بلوتو في القرن العشرين. وقد أظهر الرصد الأوَّلي لكوكب بلوتو أنه أكبر من الأرض،[18] مما جعله يُصنَّف كتاسع كواكب في المجموعة الشمسية. إلى أن اكتشف بعد ذلك أنه أصغر حجمًا من الأرض بكثير، بل في 1936 رجح "رايموند ليتلتون" أن بلوتو يمكن أن يكون قمرًا شاردًا عن كوكب نبتون،[19] بينما رجح "فريد ويبل" عام 1964 أن بلوتو ربما يكون مذنبًا.[20] ومع ذلك، فإنه نظرًا لكون بلوتو ما زال أكبر حجمًا من كل الكويكبات المعروفة كما أنه يسبح بمفرده في الفضاء،[21] فقد ظل محتفظًا بصفته ككوكب حتى عام 2006. تميزت فترة التسعينيات وأوائل الألفية الثالثة باكتشاف فيض هائل من الأجرام السماوية التي تشبه المجموعة الشمسية سميت (حزام كوبير). ومثله مثل سيريز والعديد من الكويكبات التي اكتشفت قبله، فقد اكتشف أن بلوتو ما هو إلا جسم صغير يسبح في الفضاء بين آلاف الأجسام الأخرى. وقد أيد كثير من علماء الفلك استبعاد بلوتو من قائمة الكواكب، وخاصةً بعد اكتشاف العديد من الأجرام المماثلة له في الحجم. وقد أدى اكتشاف ما يُعرف بأنه الكوكب العاشر المسمى "إيريس" والكبير جدًا في الحجم إلى إعادة موضوع تعريف الكواكب إلى الأذهان ثانية. وقد أصدر الاتحاد الفلكي الدولي تعريفًا لمصطلح "كوكب" في عام 2006. وقد تقلص عدد الكواكب إلى أكبر ثمانية كواكب من حيث الحجم والتي استطاعت تخلي مدارها من الكويكبات (عطارد والزهرة والأرض والمريخ والمشترى وزحل وأورانوس ونبتون)، وتم إضافة قائمة أخرى تضم الكواكب القزمة (سيريز وبلوتو وإيريس).[22]
الكواكب في الفترة ما بين 1930–2006
عطارد الزهرة الأرض المريخ المشتري زحل أورانوس نبتون بلوتو
وفي عام 1992، أعلن العالمان "ألكساندر فولفسكان" و"ديل فرايل" اكتشاف نظم كوكبية حول نجم طارق (نجم مشع) PSR B1257 + 12.[23] ويُعد هذا هو أول اكتشاف فعلي لمجموعة كواكب تدور حول أحد النجوم. وفي السادس من أكتوبر عام 1995، أعلن "ميتشيل مايور" و"ديديه كويلوز" من جامعة جنيف عن أول اكتشاف فعلي لكوكب خارج المجموعة الشمسية يدور حول نجم عادي في متتابعة رئيسية وهذا النجم يُسمى (51 Pegasi). أدى اكتشاف كواكب أخرى خارج المجموعة الشمسية إلى إضفاء مزيد من الغموض على تعريف مصطلح كوكب أو بمعنى أدق متى يصبح الكوكب نجمًا. فالعديد من الكواكب المعروفة التي تقع خارج المجموعة الشمسية تعد أكبر من حجم كوكب المشترى بعدة مرات، حيث أنها تقارب حجم الأجرام السماوية المعروفة بـ "الأقزام البنية".[24] فتلك الأقزام البنية تعد نجومًا بصفة عامة نظرًا لقدرتها على دمج الهيدروجين الثقيل (الديوتريوم). وفي حين أن النجوم التي يبلغ حجمها 75 مرة قدر حجم المشترى لها القدرة على دمج الهيدروجين، فإن النجوم التي يعادل حجمها حجم المشترى بـ 13 مرة فقط لها القدرة على دمج الهيدروجين الثقيل (الديوتريوم). ولكن الجدير بالذكر هنا هو ندرة الهيدروجين الثقيل وقد توقفت معظم الأقزام البنية عن دمج الهيدروجين الثقيل (الديوتريوم) قبل اكتشافها بوقت طويل؛ مما يجعلها متشابهة إلى حد بعيد مع الكواكب العملاقة.[25] ومع اكتشاف "حزام كوبير" الكبير والعديد من الأجرام السماوية قرصية الشكل المتفرقة في أواخر التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، تم إطلاق لقب الكوكب العاشر على العديد من الكواكب، مثل كواور وسيدنا وإيريس في العديد من وسائل الإعلام، ولكن أيًا منها لم يُعترف به علميًا إلى الآن، وذلك على الرغم من أن إيريس يُصنف الآن على أنه كوكب قزم.
[عدل] القرن الحادي والعشرون
[عدل] تعريف الكوكب الذي يقع خارج المجموعة الشمسية
في عام 2003، قامت ورشة العمل الخاصة بالكواكب التي تقع خارج المجموعة الشمسية التابعة للاتحاد الفلكي الدولي بتقديم بيان حول تعريف مصطلح "كوكب" الذي تضمن التعريف العملي التالي الذي يركز في الأساس على الفرق بين الكواكب والأقزام البنية:[2]
الكواكب القزمة في 2006-
سيريز بلوتو ماكيماكي هوميا إيريس
الكواكب هي الأجرام السماوية التي تقل كتلتها الحقيقية عن الكتلة اللازمة لحدوث الاندماج النووي الحراري للهيدروجين الثقيل (والتي تُقدر حاليًا بضعف كتلة المشترى 13 مرة وذلك بالنسبة للأجرام التي لها الوفرة النظائرية نفسها التي للشمس[26]) والتي تدور حول أحد النجوم أو بقايا نجم في السماء (بغض النظر عن طريقة تكوينها). ويجب أن يكون الحد الأدنى لكتلة وحجم الجرم السماوي الذي يقع خارج المجموعة الشمسية مساوية لتلك الخاصة بكواكب المجموعة الشمسية لكي يصل هذا الجرم لمرتبة الكوكب.
إن الأجسام دون النجمية التي تفوق كتلتها الحقيقية الكتلة اللازمة لحدوث الاندماج النووي الحراري للهيدروجين الثقيل يُطلق عليها "الأقزام البنية"، بغض النظر عن طريقة تكوينها أو موقعها.
أما الأجرام السماوية السابحة في الفضاء في المجموعات النجمية الصغيرة والتي تقل كتلتها الحقيقية عن الكتلة اللازمة لحدوث الاندماج النووي الحراري للهيدروجين الثقيل فلا تُعد "كواكب"، ولكن يمكن أن نطلق عليها "الأقزام البنية الثانوية" (أو أي اسم آخر أنسب).
وقد ذاع استخدام هذا التعريف بين علماء الفلك عند نشر اكتشافاتهم حول الكواكب التي تقع خارج المجموعة الشمسية في المجلات العلمية.[27] وعلى الرغم من أن هذا التعريف مؤقت، فإنه ما زال محتفظًا بمكانته كأفضل تعريف لحين إشعار آخر. ومع ذلك، فإنه لم يتطرق إلى الجدل الثائر حول الحد الأدنى للكتلة،[28] وبذلك تمكن هذا التعريف من تجنب الخلاف الثائر حول كواكب المجموعة الشمسية.