ولد ابن الهيثم في البصرة سنة 354هـ/965م في فترة كانت تعد العصر الذهبي للإسلام، واختلف المؤرخون أكان من أصل عربي[14] أم فارسي.[15] بدأ ابن الهيثم في تلقى العلم[16] مع ترجيح كونه عربي الاصل [17]، خلال تلك الفترة التي قضاها في البصرة، حيث قرأ العديد من كتب العقيدة الإسلامية والكتب العلمية.[18][19] من غير مؤكد أكان ابن الهيثم سني أم شيعي، فبعض المؤرخين يؤكد أنه سني أشعري كضياء الدين سردار[20]ولورانس بيتاني[21] ومعارض للمعتزلة،[21] والبعض قال أنه معتزلي كبيتر إدوارد هودجسون،[22] أو شيعي كعبد الحميد صبرة.[23] مع ارجحية كونه من السنة [24].
جاء في كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي على لسان ابن الهيثم: «لو كنت بمصر لعملت بنيلها عملاً يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقصان.» فوصل قوله هذا إلى الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر اللهالذي دعاه إلى مصر لتنظيم فيضانات النيل،[25] وأمده بما يريد للقيام بهذا المشروع، وهي مهمة التي تطلبت حينئذ بناء سد في الموقع الحالي لسد أسوان،[26] وبعد أن تفقّد الموقع أدرك عدم جدوى هذا المشروع[13] لضعف الإمكانات المتاحة في ذاك الوقت، وخوفًا من غضب الخليفة، إدعى الجنون، فاحتجز بمنزله من عام 401 هـ/1011م حتى وفاة الحاكم في عام 411 هـ/1021م.[27] وخلال تلك الفترة، كتب كتابه الأشهر المناظر.
رغم أن هناك حكايات طويلة حول فرار ابن الهيثم إلى الشام، ثم مغامرته بالانتقال إلى بغداد في وقت لاحق، وقيل البصرة حيث تظاهر بالجنون، لكن من المؤكد أنه بقي في مصر حتى عام 428 هـ/1038م.[18] خلال فترة وجوده في القاهرة، ارتبط ابن الهيثم بالجامع الأزهر، الذي كان بمثابة جامعة المدينة،[28] وبعد انتهاء فترة إقامته الجبرية في منزله، كتب عشرات الأطروحات الأخرى في الفيزياء والفلك والرياضيات. ثم سافر بعد ذلك إلىالأندلس، حيث كان لديه متسع من الوقت لمساعيه العلمية والتي شملت البصريات والرياضيات والفيزياء والطب، والقيام ببعض التجارب العلمية؛ وكتب العديد من الكتب في تلك الموضوعات.
عرف ابن الهيثم بالبصري نسبةً إلى مسقط رأسه في مدينة البصرة،[18] وعرفه الغرب باسم Alhazen (نقحرة: الهَزَن)،[29] ولقّبوه ببطليموس الثاني (باللاتينية: Ptolemaeus Secundus)[13] وبالفيزيائي[30] فيأوروبا القرون الوسطى. يعد ريزنر هو أول من أطلق عليه اسم "Alhazen"، بعدما كان يعرف باسم "Alhacen"، وهو الاسم الأقرب للنطق العربي.[31] حظي هذا العمل بسمعة كبيرة خلال العصور الوسطى. في عام 1834، اكتشفت أعمال لابن الهيثم حول مواضيع هندسية في مكتبة فرنسا الوطنية في باريس، كما توجد بعض المخطوطات الأخرى في مكتبة بودلين في أكسفورد ومكتبة ليدن.
أعماله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
غلاف النسخة اللاتينية من كتاب ابن الهيثمالمناظر، التي تظهر كيف أحرق أرخميدس سفنالرومان عند مهاجمتهم لسرقوسة باستخدام المرايا المقعرة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تشريخ للعين أجراه كمال الدين الفارسي في القرن الثالث عشر اعتماداً على أفكار ابن الهيثم. يشير النص في أعلى المخطوط إلى وظيفة الدماغ في تفسير الصورة المنطبعة على شبكية العين.
كان لابن الهيثم إسهامات جليلة في مجال البصريات والفيزياء والتجارب العلمية، كما كانت مساهماته في علوم الفيزياء بصفة عامة وعلم البصريات خاصةً، محل تقدير وأساس لبداية حقبة جديدة في مجال أبحاث البصريات نظريًا وعمليًا.[7] تركزت أبحاثه في البصريات على دراسة النظم البصرية باستخدام المرايا وخاصة على المراياالكروية والمقعرة والزيغ الكروي، كما أثبت أن النسبة بين زاوية السقوط وزاوية الانكسار ليست متساوية، كما قدم عددًا من الأبحاث حول قوى تكبير العدسات.
وفي العالم الإسلامي، تأثر ابن رشد بأعمال ابن الهيثم في علم البصريات،[32] كما طوّر العالم كمال الدين الفارسي (المتوفي عام 1320م) أعمال ابن الهيثم في علم البصريات، وطرحها في كتابه تنقيح المناظر .[33] كما فسّر الفارسي وثيودوريك من فرايبرغ ظاهرة قوس قزح في القرن الرابع عشر، اعتمادًا على كتاب المناظر لابن الهيثم.[34] واعتمد العالم الموسوعي تقي الدين الشامي على أعمال ابن الهيثم والفارسي، وطوّرها في كتابه نور حدقة الإبصار ونور حقيقة النظر عام 1574م.[35]
تكريمًا لاسمه، أطلق اسمه على إحدى الفجوات البركانية على سطح القمر،[36] وفي 7 فبراير 1999، أطلق اسمه على أحد الكويكبات المكتشفة حديثًا،[37] وهو "59239 Alhazen". وفي باكستان، تم تكريم ابن الهيثم بإطلاق اسمه على كرسي طب العيون في جامعة آغاخان.[38] وفي العراق، وضعت صورته على الدينار العراقي فئة عشرة دنانير منذ ثمانينيات القرن الماضي ثم 10,000 دينار الصادرة في عام 2003،[39] كما كان اسمه يطلق على واحدة من المنشآت البحثية التي خضعت للتفتيش بواسطة مفتشي الأمم المتحدة الباحثين عن الأسلحة الكيميائية والبيولوجية في عهد الرئيس صدام حسين.[39][40]