جابر بن حيان (120-198هـ / 737 -813م)
أبو موسى جابر بن حيان عبد الله الكوفي الصوفي الطوسي، مؤسس علم الكيمياء الحديثة. ولد في الربع الأول من القرن الثاني للهجرة / الثامن الميلادي، في بلدة طوس بالقرب من مشهد الحالية. حيث تنحدر أصوله من عائلة عربية معروفـة تنتمي إلى قبيلة أزد في جنوب شبه الجزيرة العربية. وكان أبوه قد هاجر إلى الكوفـة وأقام فيها عقدا من الزمن، وكان محبا للسياسة كما كان أحد المؤيدين للأسرة العباسية ، التي لقى بسببها مصرعه على يد عملاء الخليفة عندما كان في مهمة سياسية في بلاد فارس، تاركا وراءه جابرا الصغير وحيدا.
أُرسل جابر من قبل أخواله إلى الجزيرة العربية حيث درس فيها العقيدة ، والفقه ، والتصوف ثم التحق مؤخرا بحلقة الإمام جعفر بن محمد الصادق والذي كان يعد آنذاك أحد أعمدة الأدب والعلم وبصفة خاصة الكيمياء.
برع جابر في علم الكيمياء على يد أستاذه جعفر، وبفضل رصيد والده عند الأسرة العباسية، وجد جابر طريقه مفتوحا في بغداد في بلاط الخليفة العباسي الخامس، هارون الرشيد. وهناك أصبح جابر صديقا حميما لوزراء الخليفة المقربين من البرامكة، وكان في المناسبات يقدم على أنه طبيب الأسرة الحاكمة. وظل الوضع هكذا حتى طرد الخليفة البرامكة من قصره بسبب تصاعد مستمر في الاختلاف في الآراء، ومعهم فقد جابر منصبه في القصر، فرجع جابر مرة أخرى إلى الكوفـة بلدة والده ، وظل فيها هناك حتى وافتـه المنية.
عاش جابر في الكوفـة حياة غير مستقرة حيث كان عليه أن يرتحل في الليل من مكان إلى آخر، وذلك حتى ينجو من أعين المتطفلين عليه والذين كان يزعجونه باستمرار في معمله بحثا عن الذهب . ويرجع مثل هذا التطفل، إلى أن جابرا كان قد عاش في فترة زمنية شاع فيها الاعتقاد بين الناس، بل الكيميائيين أنفسهم بما فيهم جابر، أنه يمكن تحويل المعادن الرخيصة مثل الحديد و النحاس و الرصاص والزئبق إلى ذهب أو فضة ، وذلك من خلال مادة مجهولة الخواص تعرف باسم الإكسير أو حجر الفلاسفة. ولما كان جابر أحد النابهين في الكيمياء وأحد تلامذة الإمام جعفر الصادق في ذاك الوقت، فقد كان عدد غير قليل من الناس العاديين يتوقعون أن يكون معمل جابر مليئا بالذهب.
لكن في الحقيقة ، وإنه بعد مائتين عام تقريبا وفي أحد شوارع الكوفـة يعرف باسم بوابة دمشق ، وكان يعاد بناؤه، وأثناء ترميم مبانيه القديمة، تم اكتشاف معمل جابر بن حيان. وفي هذا المعمل وجد قطعة كبيرة من الذهب، مما جعل الحلم الذي يراود الكثير من الناس، بأنه يمكن تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب، أن يظل حيا.
أما شهرة جابر الحقيقية فتعود إلى تمكنه من اكتشاف أن الزئبق والكبريت عنصران مستقلان عن العناصر الأربعة التي قامت عليها فكرة السيمياء اليونانية القديمة . كما تميز باعتماده على التجربة العلمية، ووصفه خطوات عمل التجارب وكميات المواد والشروط الأخرى. فوصف التبخير والتقطير والتسامي و التكليس والتبلور. كما ابتكر عددا من الأدوات والتجهيزات المتعلقة بهذه العمليات وأجرى عليها تحسينات أيضا، وامتدت إنجازاته إلى تحضير الفلزات وتطوير صناعة الفولاذ، وإلى الصباغة والدباغة وصنع المشمعات واستخدام أكسيد المنغنيز لتقويم الزجاج ، ومعالجة السطوح الفلزية لمنع الصدأ، وتركيب الدهانات وكشف الغش في الذهب باستخدام الماء الملكي، وتحضير الأحماض بتقطير أملاحها. ومن المواد التي حضرها جابر كبريتيد الزئبق ، وأكسيد الزرنيخ ، وكبريتيد الحديد الكبريتيك ، وملح البارود. كما كان أول من اكتشف الصودا الكاوية، واخترع من الآلات البواتق والإنبيق والمغاطس المائية والرملية.
ومن الجانب الكمي أشار جابر إلى أن التفاعلات الكيميائية تجري بناء على نسب معينة من المواد المتفاعلة والتي توصل بموجبها الباحثون فيما بعد إلى قانون النسب الثابتة في التفاعلات الكيميائية. كما توصل إلى نتائج هامة في مجال الكيمياء من أهمها زيادة ثقل الأجسام بعد إحمائها. وقد استطاع أن يضع تقسيما جديدا للمواد المعروفة في عصره فقسمها للفلزات كالحديد والنحاس، واللافلزات وهي المواد القابلة للطرق، والمواد الروحية كالنشادر والكافور.
ترك جابر أكثر من مائة من المؤلفات منها اثنتان وعشرون في موضوع الكيمياء، منها كتاب السبعين وهو أشهر كتبه ويشتمل على سبعين مقالا يضم خلاصة ما وصلت إليه الكيمياء عند المسلمين في عصره، وكتاب الكيمياء ، وكتاب الموازين ، وكتاب الزئبق ، وكتاب الخواص ، وكتاب الحدود ، وكتاب كشف الأسرار ، وكتاب خواص أكسير الذهب ، وكتاب السموم ، وكتاب الحديد ، وكتاب الشمس الأكبر ، وكتاب القمر الأكبر ، وكتاب الأرض ، وكتاب إخراج ما في القوة إلى الفعل .
المصدر : مملكة العلوم :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]