وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُون[size=25]الجزء الأول
[size=9][size=16]م. وصفي أمين الشديفات
[size=9][size=16]تَعلَّمنا
أنَّ القَمَر يَدُور حَول الأرض، وَتَدُور الكَواكِب حَول الشَّمس في
مَداراتٍ دائِرية شكل (1)، ثُمَّ تَعَلَّمنا لاحِقاً مِن قَوانين (كِبلَر) بأنَّ الكَواكِب تَدُور حَول الشَّمس في مداراتٍ أهليجية بيضاوية
[size=9][size=16]لكن عِندما كُنتُ أسمَع الآيات القُرآنيّة الَّتي تَصِف حَرَكة الشَّمس والقَمَر بأنَّها ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ (يس: 40).
لَم أكُن أستطيع أن أقرِن هَذا الوَصف القُرآني، بِذلِك الوَصف العِلمي
الَّذي يقول بأنّهُم يَدُورون، وَلَو كانوا يَدورون لَذُكِرَت كَلِمَة
يَدُورُون.
[size=9][size=16]كانت الآية ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ الذاريات: 47، تُشير
في معناها إلَى الكَون المُتوسِّع، لَكِن بِدون أن تَتَشَتَّت أجرامُه
الداخِلية، وَهَذا الأمر مبدئياً، يُعاكِس فِكرَة الدوران الَّتي وَصَفنا
بِها حَرَكة القَمَر والكَواكِب، فَبَينَما يَعتَمِد مَبدأ الدوران عَلى
المَبدأ التالي: إذا استمرَّ الجِسم بالسَّير في نَفسِ الاتِجاه حَول
نُقطَة ثابِتَة مَسافَة ثابِتَة، فلا بُدَّ لَهُ أن يَعود إلَى النُّقطة
الَّتي أنطَلَق مِنها من الاتِجاه الآخَر، أمَّا في حالَة توسُّع الكَون
فَلا تُوجَد أي نُقطَة دارَت بِشكلٍ دائِري أو إهليجي عائِدَةً إلى نُقطة
الصِّفر الَّتي بَدَأت مِنها، ذلك أنَّه مَع توسُّع الكَون فإنَّ كُلَّ
نُقطة فيه سَتَتبع هَذا التوسُّع، وَسَتَستَمِر في الحَرَكَة جارِيَةً
باتِّجاه تَوسُّع الكَون مُتباعِدَةً عَن النُّقطة الَّتي بَدَأت مِنها،
وَهَذا ما يَمنَع مَبدأ الدوران عَن أي مِن أجرام الكَون.
[size=9][size=16]وَمن
هُنا جاءَت المُفارقة، مُفارقة وبَدأتُ في البَحثِ في كُلِّ آياتِ القُرآن
الكَريم حَول أي وَصف لأي حَرَكة في الكَون بالدوران، لِلأسَف لَم أجِد
الِفعل دارَ وَلا الفِعل يَدور وَلا الفِعل سَيَدور. . وَلَم يُطلِق
القُرآن وَصف الدوران اطلاقاً عَلى أي حَرَكة داخِل الكَون ولا حَتَّى على
سُلوك البَشَر وَلا حَتَّى عَلى الدَواب. . وَفي الحَقيقَة: {كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} (لقمان: 29).
[size=9][size=16]رَجعت
من جَديد أبحَث عَن مَعنى كَلِمَة يَسبَح، فَوَجَدت أنَّها تَعني: طَفا
عَلى الماء، أي أنَّ الماء تَغَلَّب عَلى ثِقَل الشَّيء وَلَم يَترُكَه
يَهوي تَحت تأثير كُتلَته إلَى الأسفَل.
[size=9][size=16]لكن
كَلِمَة طَفا تَعني أنَّ الجِسم لا يَتَحرَّك من مَكانه إلَى مَكان آخَر
عَلَى سَطح الماء، لِذا فإنِّي عِندَما عُدت إلى الآيات من جَديد، وَجَدت
أنَّ الآيات أضافَت إلى فِعل السِّباحَة هَذا كَلِمَة يَجري، وَكَلِمَة
يَجري مُستَعارَة من جَري الماء، إذاً اتَّضحت الصُّورَة, شكل (2).
[size=9][size=16]لَقَد
استلهم عِلم الفيزياء وَصفه لِلحَرَكات الفيزيائيَّة المَوجيَّة من
حَرَكَة أمواج الماء، والمَوجَة المائيَّة في الفيزياء عِبارَة عَن
تَذَبذبات تَرتَفِع وَتَنخَفِض، ولكنَّها لَن تَرتَفِع وَتَنخَفِض بِشَكل
عَمُودي، ولكن بِشَكلٍ بَيضَوي، ذلِك أنَّهُ عِندَما يَعُوم جسم عَلى
مَوجَة فإنَّهُ في نَفس الوَقت الَّذي يَرتَفِع وَيَنخَفِض فيه، فإنَّ
المَوجَة تَتَحرَّك إلَى الأمام والخَلف في مَكانِها، راسِمَةً مَساراً
بَيضَويَّا، كُل ما عَلى الجِسم الطَّافي هُو أن يَتبَعَه.
[size=9][size=16]هَذِهِ
المَسارات البَيضَويَّة هِيَ نَفسها الَّتي بَدَت لِلعالِم الكَبير
(كِبلَر) بَيضَويَّة، (فَكِبلَر) نَظَر إلَى هَذِهِ المَسارات من عَلى
سَطحِ الأرض، والمُراقِب من عَلى سَطحِ الأرض سَتَبدُو لَهُ المَدارات
بَيضَويَّة. وَلَو سافَرَ (كِبلَر) خارِج المَجمُوعَة الشَّمسيَّة،
وَنَظَرَ إلى مَداراتِ الأقمار والكَواكِب لَرآها موجيَّة سابِحَة.
وَحَتَّى أجعَل المَوضُوع يَتَّضِح أكثَر، سأضرِب أمثِلَة، تَخَيَّل أنَّك
في سَيَّارَة وَسَط دُوَّار، وَجاءَت سَيَّارَة من خَلفَك ثُمَّ دارَت عَن
يَمينَك ثُمَّ من أمامَك ثُمَّ عَن يَسارَك إلى خَلفك. إنَّكَ حَتماً
سَتَقُول بأنَّ هَذِهِ السَيَّارَة قَد سارَت في مَدارٍ دائِري حَولَك شكل
(3). وَلكن تَخيَّل الآن أنَّك لَم تَكُن تَدور، ولكنَّك كُنت مُتَحَرِّك
إلى الأمام، وأرادَت تِلك السَيَّارَة أن تُعيد العَمَليَّة السَّابِقَة،
وَهِيَ أن تأتي من خَلفك ثُمَّ تَسير عَن يَمينِك ثُمَّ تَسير من أمامَك
ثُمَّ عَن يَسارَك باتِجاه خَلفَك من جَديد، والسُّؤال الآن: هَل سَتَرسم
هَذِهِ السَيَّارَة مَساراً دائِريَّا حَولَك مِثلَما فَعَلَت في المَرَّة
السَّابِقَة.
[size=9][size=16]في
الشَّكل الَّذي عَملته نَرَى أنَّهُ بِفَرَض أنَّنا ثابِتين في نُقطَة
ثابِتَة عَلَى أرض ثابِتَة في كَون ثابِت، وَتأتي سَيَّارَة وَتَدُور
حَولنا، فإنَّهُ بالنِّسبَة لَنا نَحن المَوجُودين بِداخِل السَّيارَة،
وَبالنِّسبَة لِمَن هُم مَوجُودون عَلَى الأرض أو في الكَون؛ فإنَّهُم
سَيَرُون تلك السَّيارَة قَد دارَت حَولَنا وَرَسَمَت مَداراً دائِريا.
[size=9][size=16]حَتَّى
نَتَخيَّل هَذِهِ الحَرَكة فإنَّ أسهَل شَيء هُو أن نَتَخيَّل بِدايةً
وُجُود طَريق من ثلاثةِ مسارِات تَتَّجِه باتِجاهٍ واحِد، وبَينَما نحنُ
نَتَحَرَّك إلَى الأمام في المَسار الوَسَط، يأتي ذلك الشَّخص من خَلفِنا
مُنحَرِفاً إلى المَسار الأيمَن ثُمَّ يَتَقَدَّم إلى الأمام حَتَّى يُصبِح
عَلى يَميننا مُباشَرَة، ويُتابِع تَقَدمه عَن يميننا بِسُرعَة أعلى من
سُرعَتِنا فيتجاوزنا، ثُمّ يََنحَرِف إلَى اليَسار فَيُصبِح أمامَنا وَفي
نَفس مسارنا، ثُمَّ يُكمِل انحِرافه إلَى اليَسار حتَّى يَدخُل المَسار
الأيسر ثُمَّ يُقلِّل سُرعَته، فنتجاوزه ويُصبح بالكامل على يسارنا فَنسبقه
إلى أن يُصبح خلفنا من جهة اليسار، ثُمَّ يأخُذ بالانحِراف إلَى اليَمين
باتِجاه المسار الأوسَط إلى أن يُصبِح خَلفَنا، ورغم استمرارِنا بالسَّير
إلى الأمام إلّا أنّهُ يَنحَرِف من خَلفِنا إلَى المَسار الأيمَن ويزيد من
سُرعَته إلَى أن يُصبح عَلى يميننا. . وَهَكَذا، فَعِندَما ينظُر أي واحِد
مِنَّا من داخِل السَيَّارَة، سَيَرَى ذلِك الشَّخص قَد عَمِل دَورَةً
دائِريَّة كامِلَة حَولنا.
[size=9][size=16]لكن
ثَمَة شَخص من الأعلَى يُراقِب كُلَّ ما يحدُث من حَرَكةٍ نِسبيَّة
بَينَنا وَبَين ذلِك الشَّخص، يَروي لَنا بأنَّ ذلِك الشَّخص لَم يَدُر
حَولنا كَما شاهَدنا، وَلكنَّهُ يَرسم لَنا مَساراً غَير الَّذي
تَوقَّعناه، فالطَّريق الَّتي يَرسِمُها لِحَرَكة تِلك السَيَّارَة حَول
سَيارَتِنا هِيَ طَريق مَوجيَّة سابِحَة كَما في الشَّكل (5) الَّذي
رَسَمته لِلتَوضيح.
[size=9][size=16]بِنَفسِ
الطَّريقَة يَتَحَرَّك القَمَر بالنِّسبَةِ لِلأرض، وَحَتَّى نتخيَّل
هَذِهِ الحَرَكة يَجِب عَلينا أن نَتخيَّل أنَّ القََمَر والأرض يتحرَّكان
(يَجريان مَعاً) حيثُ يَبدأ القَمَر حَرَكته من خَلفِ الأرض، فَتَزداد
سُرعَته وَينحَرِف إلَى اليَمين، ويَتَقَدَّم إلى الأمام، حَتَّى يُصبِح
عَلى يمين الأرض من جِهَة النُّقطَة البَعيدَة عَن الشَّمس، وَمن ثُمَّ
يَتَحرَّك القََمَر والأرض مَعَاً بِعَكسِ اتِّجاه عَقارِب السَّاعة، مَع
مُلاحظة أنَّ القَمَر يَتَحرَّك بِسُرعةٍ أكثَر من سُرعَة الأرض، وما أن
يتجاوزها إلَّا وَيَبدأ في الانحِرافِ إلَى اليسار، فيتقدّم عَليها
وَهَكَذا ما أن يُصبِح القَمَر أمام الأرض إلّا ويُكمِل انحِرافه نَحو
اليَسار بِنَفسِ الوَقت الَّذي تَبدأ تَقِل فيه سُرعَته عَن سُرعة الأرض،
الأمر الَّذي يُؤدي إلَى أن تَتَجاوزه الأرض عِندَما يَكون عَلى يسارِها،
وعِندَما يُصبِح عَلى يسارِ الأرض تَكون سُرعَته أبطأ من سُرعَة الأرض
فَتَتَجاوزه إلَى الأمام بينما يتبعُها بِنَفس الوَقت الَّذي يَنحَرِف هُو
إلَى اليمين إلَى أن يُصبِح خَلفها مُباشرَة، حَتَّى إذا ما أصبَحَ خَلفها
بِشَكلٍ كامِل يَكُون قَد أكمَلَ سِباحَةً أو حَرَكَة مَوجيَّة واحِدة،
تكون مُدّتها شَهراً قَمَريّاً كامِلاً. . وَهَكَذا. والشَّكل (5) الَّذي
رَسَمته يُمَثِّل هَذِهِ السِّباحَة.
[size=9][size=16]إذن،
القَمَر يَسبَح وَلا يَدور، وَالقُرآن الكَريم لَم يَكتَفِ بِوصفِ حَرَكَة
القَمَر بالسِّباحة بَل وَصَفَهُ بأنَّهُ يَجري، وَهو وَصف يَختَلِف في
المَعنى والدلالات عَن وَصفِ البَشَر لَه بِكَلِمَةِ يَدُور، وَفي الُّلغة
نَقُول إنَّ المَاء يَجري إذا جَرَى جَرياناً، وَنَحنُ نَعرف أنَّ المَاء
يَجري بِطَريقَة مَوجيَّة أو عَلى شَكل أمواج البَحر، كَما أنَّ الجَرَيان
يأتي لِيُشير إلَى السَّائِر باتِجاهٍ واحِد، وَهَذِهِ هِيَ الحَرَكة
الطبيعيَّة لِكُلِّ أجزاء الكَون، فكُلَّها تَجري باتِجاهٍ واحِد هُو
اتِجاه تَوسُّع الكَون.
[size=9][size=16]وَنُلاحظ
هُنا أنَّ القَمَر في حَرَكَتِهِ أو سِباحَتِهِ هَذِهِ، تَزداد سُرعَته
وَتَتَباطأ مِثل حَرَكة السَبَّاح في الماء، فَهو لا يَجري بِسُّرعة
ثابِتة، فَسُرعة السَّباح تَزداد عِندَما يَدفَع بإحدَى يَديه أو كِلتيهُما
الماء، وتَتَباطأ عِندَما يُبدِّل ما بَين يَديه في دَفع الماء، وَهِيَ
تُشبِه أيضاً المَوجَة المائِيَّة السَّابِحة من حَيثُ الشَّكل وَمِن حَيثُ
الحَرَكة، فَعِندَما تَبدأ المَوجَة بالارتِفاع تَمتَلِك المَوجَة طاقَة
حَرَكَة تَزداد من نُقطَةِ انطِلاق المَوجَة من أدنَى نُقطَة مِنها أو من
قاعِها، فَتَنطَلِق بِسُرعَة حَتَّى إذا وَصَلَت إلَى أعلَى نُقطَة، أو
إلَى قِمَّة المَوجَة، تَكُون قَد قَلَّت سُرعَتها وَطاقَتها الحَرَكيَّة،
الَّتي تَتَحَوَّل إلَى طاقَة وَضع، فَتَهبط المَوجَة مُتسارِعَةً إلَى
أسفَل.
[size=9][size=16]يُمَثِّل
الشَّكل الذي رسمته هنا مَراحِل الحَرَكَة المَوجيَّة السَّابِحَة
لِلقَمَر حَول الأرض، فَبَينَما يَبدُو القَمَر دائِراً حَول الأرضِ
بالنِّسبَة لِلمُراقِب المَوجُود عَلى الأرض، فإنَّ القَمَر يَبدُو سابِحاً
في حَرَكَة مَوجيَّة حَول الأرض، وذلك بالنِّسبَةِ لِلمُراقِب الَّذي
يَكَون أعلَى المَجمُوعَة الشَّمسيَّة.
[size=9][size=16]إذن،
القَمَر يَسبَح وَلا يَدور، وَلَيس ذلِك فَحَسب بَل أنَّ القَمَر يَجري
﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ﴾
(فاطر: 13)، أي أنَّ القُرآن الكَريم لَم يَكتَفِ بِوصفِ حَرَكَة القَمَر
بالسِّباحة بَل وَصَفَهُ بأنَّهُ يَجري، وَهو وَصف يَختَلِف في المَعنى
والدلالات عَن وَصفِ البَشَر لَه بِكَلِمَةِ يَدُور، وَفي الُّلغة نَقُول
إنَّ المَاء يَجري إذا جَرَى جَرياناً، وَنَحنُ نَعرف أنَّ المَاء يَجري
بِطَريقَة مَوجيَّة أو عَلى شَكل أمواج البَحر، كَما أنَّ الجَرَيان يأتي
لِيُشير إلَى السَّائِر باتِجاهٍ واحِد، وَهَذِهِ هِيَ الحَرَكة الطبيعيَّة
لِكُلِّ أجزاء الكَون، فكُلَّها تَجري باتِجاهٍ واحِد هُو اتِجاه تَوسُّع
الكَون، فالآيات الَّتي وَصَفَت الكَون بأنَّه يَتَحَرَّر من انحِنائه كَما
تَتَحَرَّر الأوراق المَطويَّة من انحِنائها، وَتِلك الَّتي وَصََفَتهُ
بأنّهُ مُتَوسِّع، وَتِلك الَّتي وَصَفَت كُلَّ ما فيه بأنَّه يسبَح،
وَتِلك الَّتي وَصَفَت أجرامَهُ بأنَّها تَجري، كُل هَذِهِ الآيات
القُرآنية الكَونيَّة أصبَحَت مُتَرابِطَة في مَعانيها، وَفي وَصفِها، وَفي
نَتائِج هَذا الوَصف، وَفي العِلم الحَقيقي الَّذي تَأتي بِه.
[size=9][size=16]شَكل
يُمَثِّل سِباحَة القَمَر حَول الأرض، وَقَد رَسَمته كَتَمهِيَد
لاستِعمالِه في تَمثيل عَمَليَّة تَراكُم الأفلاك عَلى بَعضِها وَسِباحَة
كُل مِنها في الآخَر كَتَحقيق للآية الكَريمَة: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يس: 40).
[size=9][size=16]ولكن
بَعدَ كُلِّ هَذا، أقول إنَّ ما ذَكَرته حَول مَوضَوعِ السِّباحةِ
القَمَريَّة ما هُو إلَّا البِداية، وَمِن هَذِهِ البِداية أبدَأ. وَأبدَأ
بِسُؤال، هَل الأرض تَتَحَرَّك سابِحَةً بالنِّسبةِ إلَى الشَّمس، أم
أنَّها تَدُور حَولها في مَدارٍ بَيضَوي إهليجي كَما بيَّن (كِبلر)؟
[size=9][size=16]الجَواب
يَقيناً أنَّها تَسبَح، فَكَما بيَّنت سابِقاً في هَذا الكَون المُتوسِّع
لا يوجَد دَوَران، وَفي قُرآنِنا الكَريم لَم يُذكَر فِعل الدَوَران أو
وَصف شَيء بالدَوران، وَقَبل أن نَقُول إنَّ كُلَّ مَا في الكَون يَسبَح،
دَعونا نَسير في المَوضُوع خُطوَة خُطوَة، وإذا كانَت خُطوَتُنا الأولَى من
عِند قَمَرِنا المُنير، الَّذي كان وُجوده هُو الدافِع الأوَّل الَّذي
دَعَا الإنسان للانِطلاق نَحو الفَضاء واكتِشاف الآفاق، فالخُطوة الثانية
سَتَكون من عِند أرضِنا.
[size=9][size=16]تَتَحرّك
أرضُنا بالنَّسبَةِ لِلشَمسِ بِسُرعة 30 كم/ثانية تَقريباً، لِتُتِمَّ
دَورة كامِلة حَول الشَّمس (سِباحة كامِلة بالنِّسبَةِ لِلشَمس) كُل 365.25
يوم أو سَنَة كامِلَة، وإذا كان سَبَبُ سِباحة القَََمَر يَقومُ عَلى
مَبدأِ حَركَة أو جَريان القََمَر وَالأرض مَعاً، فَهَذا يَعني أنَّهُ
حَتَّى تَسبَح الأرض بالنِّسبة لِلشَمس، لا بُدَّ لِلشَمس أيضاً أن
تَتَحرَّك من مَكانِها. والسُّؤال الآن هَل الشَّمس تَتَحَرَّك من مَكانِها
دُون أن تَعُود إلَيه؟ الجَواب: نعم، فَالشَّمس تَتَحرّك (تَجري) حَول
مَركِز مَجَرَّتِنا كُل 250 مَليون سَنَة، بِمَعنى آخَر تَسير بِسُرعة
مُتوَسَّطها 220 كم/ثانية، إذاً الأرض تَسبَح حَول الشَّمس، كَما يَسَبح
القَمَر حَول الأرض، وَبِمَعنى آخَر يَسبَح القَمَر في فَلَكِه حَول الأرض،
بَينَما تَسبَح الأرض في فَلَكِها حَول الشَّمس باتِجاهٍ مُعاكِس
لِحَرَكةِ عقارِب السَّاعة، وَبِصُورَة أوضَح فإنَّهُما يَسبَحان باتِجاه
تَوسُّع الكَون.
[size=9][size=16]وفي
الرَّسم التوضيحي التالي، أُبيِّن كَيف تَسبَح الأرضُ حَول الشَّمس،
بِنَفسِ الطريقَة الَّتي يَسبَح فيها القَمَر حَول الأرض بِطَريقة
مَوجيَّة، لَم تَكُن أبداً في يَوم ما دائريَّة أو إهليجية كما اكتَشَفَها
وَوَصَفَها العالِم الفَلَكي (كِبلر). أمّا وَصف القُرآن الكَريم لِتِلك
الحَرَكة بالسِّباحة، فَلَم أسمَع أو أرَ مَن رَسَمَها عَلى الوَرَق في
العالَمِ الإسلامي، أو أعلَنَها عَلَى المَلَأ، وَكُل ما اقرَأه في كُتُبِ
الفَلَك في العالَمِ الإسلامي أنَّ الأرضَ تَدُور حَول الشَّمس سابِحَةً في
فَلَكِها، الدَوران شَيء، والسِّباحة شَيء آخَر كَما بيَّنا.
[size=9][size=16]لِذا
فإنِّي هُنا أرسم فَلَك الأرض الَّذي تَسبَح فيه حَول الشَّمس بِنَفسِ
الطَّريقَة الَّتي رَسَمت فيها فَلَك القَمَر السَّابِح حَول الأرض،
وَطَريقَة سِباحَة الأرض حَول الشَّمس والمُعتَمِدَة عَلى تَزايُد وَتناقُص
مُعَدَّل سُرعَة الأرض حَول الشَّمس، تَتبَع نَفس الطَّريقَة الَّتي
تَتَزايَد فيها وَتَتَناقَص سُرعَة سِباحَة القَمَر حَول الأرض كَما
وَضَّحت ذلك سابِقاً.
[size=9][size=16]تَسبَح الأرض حَول الشَّمس في فَلكِها مَرَّة واحِدَة كُل عام، وَتُشبِه هَذِهِ السِّباحَة سِباحَة القَمَر حَول الأرض.
[size=9][size=16]وأيضاً،
ولِغاية في نفسي، أرسُم رَسماً بيانيَّاً تَوضيحياً، يُبيِّن كيفيَّة
سِباحَة الأرض عَلى شَكلٍ مَوجي بالنِّسبة إلى الشَّمس:
[size=9][size=16]إذن،
أصبَحَ لَدَينا قَمَر يَسبَح في فَلَكِه سِباحَةً مَوجيَّة حَول الأرض،
وبِنَفس الوَقت أصبَحَت لَدينا أرض تَسبَح سِباحَةً مَوجيَّة مَع قَمَرِها
بالنِّسبة لِلشَمس، وَبِما أنَّ القَمَر يَسبَح بالنِّسبةِ إلَى الأرض
وبِنَفس الوَقت تأخُذه الأرض لِيَسبَح مَعَها بالنِّسبة لِلشَمس، إذاً
أصبَح لَدى القَمَر سِباحَتين، أحدُهُما بالنِّسبَةِ لِلأرض، والأُخرَى
بالنِّسبةِ لِلشَمس، وَهَذا يَعني أنَّ الفَلَك الَّذي يَسبَح فيه القَمَر
بالنِّسبة إلَى الأرض، يَسبَح أيضاً في فَلكٍ آخَر بالنِّسبةِ لِلشَمس،
وَبِما أنَّ الفَلَك الَّذي يَسبَح بِهِ القَمَر تَتَكَرَّر مَوجَته في
السَّنة حَوالي 13 مَرَّة، وَبِما أنَّ الأرض تَتَكَرَّر مَوجَة سِباحَتها
بالنِّسبَةِ إلَى الشَّمس مَرَّة واحِدَة في السَّنة، فَهَذا يَعني أنِّي
أستطيع أن أجمَع في رَسمٍ بَياني تَوضيحي واحِد سِباحَة فَلَك القَمَر
بالنِّسبَةِ إلَى سِباحَة فَلَك الأرض حَول الشَّمس كَما في الشَّكل
التالي:
[size=9][size=16]قُمت
بِرَسمِ هَذا الشَّكل لأوَضِّح المَبدأ الأساسي لِكُلٌ في فَلَك
يَسبَحُون، فَرَغم أنَّ القَمَر لَهُ فَلَك واحد حَول الأرض، والأرض لَها
فَلَك آخَر حَول الشَّمس، إلَّا أنَّ القَمَر والأرض كُلٌ مِنهُما يَسبَح
في فَلَكٍ واحد بالنِّسبَة إلَى الشَّمس.
[size=9][size=16]قُلنا سابِقاً بأنَّهُ وِفقاً لِعِلمِ الفيزياء والميكانيكا؛
بأنَّ الدَوَران الظَّاهِري لِجِسم مُتَحَرِّك، حَول مَركِز مُتَحَرِّك،
سَيَجعَل مَسار هَذا الجِسم مَوجيَّاً سابِحاً حَول ذلك المَركِز
المُتَحَرِّك، وَلَيسَ دائِرياً أو بيضَوياً. وَعَليه بَيَّنا بأنَّ فَلَك
القَمَر سَيَكُون مَوجياً سابِحاً حَولَ فَلَك الأرض، الَّذي يَسبَح هُوَ
الآخَر بِدَوره حَولَ فَلَك مَسار الشَّمس، الأمر الَّذي يُؤدي إلَى تَراكب
فَلَك القَمَر ذُو التردد المَوجي الأعلَى، والطُّول المَوجي الأقصَر،
عَلَى فَلَك الأرض الأطوَل مَوجيَّاً، والأقَل ترددا مَوجيَّاً بالنِّسبَةِ
إلَى فَلَك القَمَر. لِيَسبَح بالتالي القَمَر والأرض في فََلَكٍ واحد.
[size=9][size=16]
وَنَستَمِر، وتَستَمِر سِباحَة الأجرام الكَونيَّة، وأَستَمِر بالتَسَاؤل.
هَل تَسبَح الشَّمس بالنِّسبَةِ إلَى المَجَرَّة؟ أم أنَّها تَدور حَول
مَركِز المَجَرَّة؟
[size=9][size=16]الجَواب
طَبعاً سَتَسبَح بالنِّسبة إلى المَجَرَّة، فَهِيَ لَن تُخالِف سُنَّة
الكَون المُتوسِّع. وَبالطَّبع، وَكوننا قُلنا إنَّ الشَّمس تَسبَح، فَهَذا
يَعني أنَّ مَجَرَّة دَرب التبانَة المُتَحَرِّكة، يَجِب عَليها أن تَكون
كَذلك، وَعَلى أرضِ الواقع، فإنَّ مَجَرَّتنا تَجري مَع مَجمُوعَة أو حَشد
من المَجَرَّات المَحليَّة العُظمَى، باتِجاه مَكان كَوكَبة (سِنتوروس)
الحالي بِسُرعَة 2 مليون كم/ساعة أو 555 كم/ثانية.
[size=9][size=16]
وَبِما أنَّ شَمسَنا تَسبَح بِسُرعَة مُتوسّطها 220 كم/ثانية بالنِّسبَةِ
إلَى مَركِز المَجَرَّة المُتحرِّك، وَبِما أنَّ بُعد الشَّمس عَن مَركِز
المَجَرَّة هُوَ 33,000 سَنَة ضَوئية، فَهَذا يَعني أنَّ الشَّمس سَتَحتاج
إلَى حَوالي 250 مَليون سَنَة، لِتَسبَح سِباحَةً مَوجيَّة واحِدة حَول
مَركِز المَجَرَّة. والشَّكل التالي عَملته من أجلِ أن أُمَثِّل هَذِهِ
الحَرَكَة السَّابِحَة:
[size=9]
شكل (1) بَينَما تَسبَح مَجَرَّة دَرب التَّبانَة في الفَضاء، فإنَّ
أذرعها تَسبَح حَول مركزها، وَبِما أنَّ الشَّمس تُوجَد في أحَِد هَذِهِ
الأذرُع السَّابِحَة، فإنَّها تَسبَح مَعَها وِفقَ نَفس مَبدَأ سِباحَة
القَمَر حَول الأرض، الَّذي تَتَزايَد فيهِ سُرعَته وَتَنخَفِض، لِيُتِمَّ
سِباحَته المَوجِيَّة(1).
[size=9][size=16]
وَلنَعُد إلَى قََمِرنا، نُور طَريقنا في السَّماء، وَإلَى الأرض
مُستقرّنا، وإلَى الشَّمس ضياء سَمائنا، سَنَرى أنَّ فََلَك القَمَر
وَفََلََك الأرض السِّابِحين مَعا، سَيسبَحان أيضاً حَول فَلَك الشَّمس
السَّابِح حَول مَركِز المَجَرَّة، وَهَكَذا يَسبَح القَمَر حَول الأرض،
بَينَما تَسبَح الأرض وَقَمَرها مَعاً حَول الشَّمس، بَينَما تَسبَح
الشَّمس وَالأرض وَالقَمَر مَعاً حَول مَركِز المَجَرَّة، وَالشَّكل (2)
الَّذي رَسَمته يُمَثِّل هَذِهِ الحَرَكَة.
[size=9]شكل (2) [size=9]
خِلال250 مَليُون
سَنَة، تَكُون مَجَرَّة دَرب التَّبانَة قَد تَحَرَّكَت مِن مَكانها أكثَر
مِن خَمسة مَليُون تريليون كِم، لِذا فإنَّ الشَّمس سَتَسبَح خِلال هَذِهِ
الفَترَة، سِباحَة كَونيَّة واحِدَة، وَبِنَفس الوَقت، وَكَما يَبدُو من
الشَّكل؛ فإنَّ الأرض تَسبَح مَع الشَّمس وَحولها، أمَّا الشَّكل التَوضيحي
في الأعلَى، فَيُوَضِّح بأنَّ القَمَر أيضاً يَسبَح حَول الأرض وَمَعَها،
حَول الشَّمس وَمَعَها، حَول المَجَرَّة(1)[size=9]. [size=9]شكل (3)[size=9]في
هَذا الرَّسم التَخطيطي الَّذي عَملتُه، نُلاحِظ مَسار الشَّمس السَّابِح
حَول المَجَرَّة، فيما نَرَى مَسار الأرض يَسبَح عَلَى مَسار الشَّمس
السَّابِح، وكذلك نَرَى مَسار القَمَر يَسبَح حَولَ مَسار الأرض السَّابِح[size=9]. .
[size=9][size=16] البَحث مَنقُول مِن كِتاب (الله فاتق الرتق وطاوي السماء كطي السجل للكتب) لِلكاتب.
[size=25]الجزء الثالث
[size=9][size=16]عِندَما توصَّلت إلَى أنَّ {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يس: 40)
تَعني أنَّ كُلَّ جُرمٌ سَماوي يَسبَح في فَلَكِه أوَّلاً، وَهَذا الجُرم
يَسبَح في فََلََكِ الجُرم السَّماوي القائِد، بِحيث يُصبِح كِلاهُما في
فَلَكٍ واحِد يَسبَحُون، وَمِن ثُمَّ يَسبَح هَؤلاء الاثنان في فَلَكِ
جُرمٍ آخَر أكبَر، فيُصبح كُل الثَّلاثَة في فَلَكٍ يَسبَحُون، وَهَكَذا
فالأربعة كُل في فَلَكٍ واحِد يَسبَحون. أي أنَّه عَلى سَبيل المِثال،
القَمَر يَسبَح في فَلَكِ الأرض، والأرض وَكُل الكَواكِب يَسبَحُون في
فََلََكٍ واحِد، هُو فَلَك الشَّمس، والمَجمُوعَة الشَّمسيَّة وَمَجمُوعات
الأجرام الأُخرى في مَجَرَّتِنا، تَسبَح في فَلَكٍ واحِد هُو فََلََك
المَجَرَّة. بَينَما تَسبَح مَجَرَّتنا مَع مَجمُوعَة المَجَرَّات
المَحَليَّة، الَّتي عَدَدها يُساوي الثَلاثين، تَسبَح كُلها حَول مَركِزِ
هَذِهِ المَجمُوعَة، الَّذي يَقَع في مَكانٍ ما بَين مَجَرَّتِنا
وَمَجَرَّة المَرأة المُسَلسَلَة (Andromeda Galaxy) بَينَما تَسبَح
مَجمُوعَتنا المَحَليَّة مَع مَجمُوعات مَحَليَّة أُخرَى، حَولَ مَركِز
العُنقُود المَحَلّي، أو حَشد المَجَرَّات المَحَليَّة (Vigro Super
cluster) . . وَهَكَذا.
[size=9][size=16]وَهَذا
يَعني أنَّ هُناك تَقسيماً لِلكَون، من الفَرد الَّذي يَسبَح في فَلكٍ
واحِد لِجُرم سَماوي أكبَر مِنه، ثُمَّ تَأتي مَجمُوعَة أجرام تَسبَح في
الفَلََكِ الأكبر، لِجُرم سَماوي أو أجرام أكبَر مِنها، وَمِن ثَمَّ تَسبَح
مَجمُوعات في فَلَكٍ أعلَى، وَمِن ثَمَّ تَسبَح جُمُوع أو تَجمُعَّات
المَجمُوعات في فَلَكٍ أعلَى، إلَى أن يَصِل الجَميع إلى فَلَكٍ واحِد،
كُلَّهُم فيه يَسبَحون، بِحَيث يَجري هَذا الفَلَك، ويَجري كُل مَن فيه،
سابِحاً جارياً باتِّجاه تَوسُّع الكَون، والشَّكل (1) الَّذي أبدَأ
بالتَّعليق، عَليه يُوضِّح ذلِك: عِندَما قُمتُ بِتَركيب الأفلاك
السَّابِحَة عَلَى بَعضِها البَعض، بِدءاً من فَلَكِ الأرض، إلَى فَلَكِ
الشَّمس، إلَى فَلَكِ مَجَرَّةِ دَرب التَّبانَة، إلَى مَجمُوعَة
المَجَرَّات المَحَليَّة، إلَى حُشُود المَجَرَّات المَحَليَّة، أو عَناقيد
المَجَرَّات المَحَليَّة، إلَى حُشُود المَجَرَّات العُظمَى، إلَى
الحَائِط العَظيم، ظَهَرَ مَعي هَذا الشَّكل، وَباختِصار فإنَّ سِباحَة كُل
ما ذَكَرته في فَلَكٍ واحِد، هُوَ فَلَك الحائِط العَظيم يُمَثِّل {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يس: 40) عَلَى مُستَوَى هَذا التَّشبيه.
[size=9][size=16]عَلى
أنَّ أي حَرَكَة في الآفاقِ، مَهما كانَت بالنِِّسبَةِ لأي حَرَكَة أُخرى،
هِي حَرَكَة سابِحَة، وَعَلى سَبيل المِثال، فإنَّ المَسار الَّذي
تَرسِمُهُ حَرَكَة القَمَر، بالنِّسبَةِ إلَى الدائِرَة الظَّاهِريَّة
لِمَسير الشَّمس في الأُفُق، هُوَ مَسار مَوجي سابِح مُسَبِّح.
[size=9]الشَّكل
يُوَضِّح مَسار القَمَر المَوجي الشَّكل، بالنِّسبَة إلَى الدائِرَة
الظَّاهِريَّة لِِمَسير الشَمس، خِلال عُبُورها الأُفُق، خِلال شَهر قَمَري
واحد. شكل (2)
[size=9][size=16]كذلك فإنَّ الظِّل الَّذي يَترُكه القَمَر عَلى الأرضِ، في حالَةِ حُصُول كُسُوف لِلشَمس، هُو ظِل مَوجي سابِح كَما في الشَّكل.
[size=9][size=16]عِندما
تخيَّلت طُرُقَ السِّباحة السَّابِقَة لِلأجرام السَّماوية، كُنتُ وَقتها
في الإمارات العَربيَّة المُتَّحِدَة، أعمَل في إمارة أبوظبي، وَأبوظَبي
إمارَة ساحِليَّة جَميلَة، تَقَع عَلى شاطئ الخليج العَرَبي، كَما أنَّ
لَها امتِداداً داخِليَّاً صَحراويَّاً، وقَد كانَت سِباحَة الأجرام
السَّماويَّة قَد أثارَت في نَفسي تَساؤلاً، وَهُو أنَّهُ إذا كانَت كُل
الأجرام السَّماويَّة في الأُفُق، تَسبَح بِطَريقَة تُؤدي إلَى سِباحة
الأفلاك الصَّغيرَة في الأفلاكِ الكَبيرة، وَالكَبيرة في الأكبَر، بِحَيث
أنَّ الفَلَك الأكبَر يَحمِل أفلاكاً أصغَر، أو بِمعنى آخَر إذا كانَت
المَوجَة الكَبيرَة – مَوجَة الفَلَك الكَبيرَة– تَحمِل أمواجاً أصغَر، ألا
يَعني ذلِك أنَّه وبالمِثل، سَنَجِد مَوجات البَحر الكَبيرَة تَحمِلُ
أمواجاً أصغَر، والأمواج المائيَّة الأصغر، تَحمِل أمواجاً أصغر مِنها. .
وَهَكَذا؟ وألا يَعني ذَلِك أنَّ المَوجَات الرَّمليَّة الكَبيرَة في
الصَّحراء، تَحمِل أمواجاً رَمليَّة أصغَر، بَينَما تَحمِل هَذِهِ الأمواج
الرَّمليَّة الأصغَر، أمواجاً رمليَّة أصغَر. . وَهَكَذا؟ وألا يَعني ذلِك
أنَّ الهَواء، يَتَكَوَّن من مَوجات هَوائيَّة، تَحمِلُ في ثَناياها
أمواجاً أصغَر وأصغَر؟ وَبِمَعنى آخَر، إذا كان كُل مَا هُو في السَّماء
يَتَحرَّك حَرَكَة مَوجيَّة سابِحة حَسَب الأشكال الَّتي وضَّحتُها، ألا
يَعني ذلِك أنَّهُ كُل ما هُو مُتَحَرِّك حَرَكَة طَبيعيَّة عَلى الأرض، من
ماء، وَهَواء، وتُراب، يَتَحَرَّك وَيَسبَح بِهَذِهِ الطَّريقة، راسِماً
الأشكال الَّتي ذكرتُها، وَذلِك تَحقيقاً لِقَول الله سُبحانَهُ وَتَعَالَى
في الآيةِ الكَريمة: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}(يس: 40)؟
الحمدُ لله، كُنتُ في أبوظبي، وكان هُناك البَحر، والرَّمل، وعلم عالٍ
تسبح عليه الريَّاح، وَعِندَما جاءت ببالي التوقُعات السَّابِقة، المبنيَّة
على آيات الله في الآفاق، وفي القُرآن الكريم، ذهبت إلى الشاطىء، وراقبت
الأمواج السَّابِحة، فرأيت الأمواج الكبيرة، تحمل أمواجاً أصغر مِنها،
والصَّغيرة تحمل أصغر مِنها. . وَهَكَذا، أي أنَّ الأمواج الصغيرة، تَسبَح
عَلى أمواج أكبر مِنها، بينما تَسبَح الأمواج الأكبَر على أمواج أكبَر..
كما تَسبَح أفلاك الأجرام الفضائية الصَّغيرة، على أفلاك الأجرام الأكبَر،
والأكبَر عَلَى الأكبَر. الحمدُ لِله، لم يَكُن الأمر فَقَط كَما خَطَر
بِبالي، ولكنَّهُ كان أصلاً مِثلَما وَصَفَ القُرآن الكَريم: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يس: 40). وأترُكَكُم مَع هَذِهِ الصُّور المُعَبِّرة عَن نَفسها:
[size=9]المَوجتان الكَبيرَتان تََمتَدَّان عَشرات الأمتارشكل (4)
[size=9]المَوجات المَحمولَة عَليهما طولَها لا يَتجاوَز 5 أمتارشكل (5)
[size=9]المَوجات المحمولة عَليهم طولها لا يَتجاوز ½ م. شكل(6)
[size=9]طول المَوجات المَحمولَة عَلى ما سَبَق أقَل من 20 سم[size=9] شكل (7)
[size=9]طول المَوجات المَحمولَة عَليها أقَل من 10 سم[size=9] شكل ( [size=9]طول المَوجات المَحمولَة من 1- 5 سم.[size=9] شكل (9)
[size=9]أخيراً،
طُول أصغَر مَوجَات مائيَّة سابِحَة ومُسَبِّحَة، مَحمولَة عَلى أصغَر
المَوجات المائيَّة السَّابِحَة المُسَبِحَة في الشَّكل (9) تَظهَر هُنا
عَلى شَكل أنسِجَة، وَخيُوط، وَحَبَّات، وَحُبُك صَغيرَة، طولَها من
مِليمِترات، إلى ما هُو أقَل من السنتيمتر، وَهَذِهِ الصُّورَة مُكَبَّرَة.
شكل (10)