يرجع استخدام الإنسان للحديد إلى ما قبل التاريخ. كما يرجع تاريخ أقدم المنتجات الحديدية، للألفية الخمسة قبل الميلاد في إيران والألفية الثانية قبل الميلاد في الصين، وكانت مصنوعة من النيازك.[18] ومن غير المعروف متى أو أين بدأ صهر الحديد من خاماته، ولكن هناك دلائل تشير إلى إنتاجه عن طريق صهر خاماته قرب نهاية الألفية الثانية قبل الميلاد في الهند وجنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا.[19]
كما يرجع تاريخ أقدم الأدوات المصنوعة من الهيماتيت إلى حوالي عام 35,000 ق.م.[20] واستخدم السومريون والمصريون الحديد النيزكي لأغراض الزينة وكرؤوس للحراب،[21] وفي الطقوس الاحتفالية، وكان أثمن من الذهب. كما تشير الاكتشافات إلى أن الحثيين أنتجوا الحديد منذ حوالي عام 2,000 ق.م،[22] كما قايضوا الحديد مقابل الفضة مع الآشوريين في القرن الرابع عشر قبل الميلاد.[18]
إختلف انتقال بلدان العالم القديم للعصر الحديدي، فبلاد ما بين النهرين عام 900 ق.م كانت قد انتقلت كلياً للعصر الحديدي. وعلى الرغم من أن مصر كانت قد بدأت تنتج الحديد منذ وقت مبكر، إلا أن العصر البرونزي ظل مسيطراً عليها حتى الغزو الآشوري لها في عام 663 ق.م. وبدأ العصر الحديدي في وسط أوروبا حوالي عام 500 ق.م، وفي الهند والصين في وقت ما بين 1200 ق.م و 500 ق.م.[23] وحوالي عام 500 ق.م، أصبحت النوبة منتج ومصدر رئيسي للحديد.[24]
اكتشف الحيثيون[25] أنتاج الحديد قديماً في أفران تستخدم فيها منفاخ لضخ الهواء من خلال كومة من الحديد الخام والمدفون في الفحم. يختزل أول أكسيد الكربون الناتج من حرق الفحم خامة الحديد لينتج الحديد. لم تكن الحرارة الناتجة كافية لصهر الحديد، لذا فإن الجزء السفلي من المعدن الناتج يكون على شكل كتلة إسفنجية، تعج بالمسام الممتلئة بالرماد والخبث. يعاد تسخين الحديد الناتج لتليينه وصهر الخبث، ومن ثم يُطرق مراراً وتكراراً لإزالة الخبث المنصهر. ناتج هذه العملية الطويلة والشاقة هو الحديد المطاوع، وهو سبيكة مرنة ولكن ضعيفة نوعاً ما.
ومع الوقت، اكتشف الحدادون في الشرق الأوسط، أن الحديد المطاوع يمكن أن يتحول إلى منتج أقوى بكثير عن طريق تسخينه في وعاء يحتوي على الفحم النباتي لبعض الوقت، ومن ثم غمره في الماء أو الزيت حتى يخمد. نتج عن هذه الطريقة تكون طبقة خارجية للقطعة من الصلب، وهي سبيكة من الحديد وكربيد الحديد، والتي كانت أكثر صلادة وأقل هشاشة من البرونز وبدأت تحل محله. وقبل عام 200 ق.م، استطاع الهنود إنتاج صلب عالي الجودة في جنوب الهند بصهر الحديد الخام والفحم والزجاج في بواتق حتى ينصهر الحديد ويذيب الكربون.[26] انتقلت تلك الفكرة من الهند إلى الصين بحلول القرن الخامس الميلادي.[27]
في القرن الحادي عشر، صنع الصينيون الصلب بطريقة تشبه إلى حد ما طريقة بسمر، عن طريق إزالة الكربون جزئياً بطرق الحديد بصورة متكررة مع نفخ الهواء البارد.[28] مما استدعى إزالة مساحات كبيرة من الغابات لتفي بحاجة صناعة الحديد من الفحم.[29]
تقدمت صناعة الحديد أكثر وأكثر باختراعات المسلمين، خلال العصر الذهبي للإسلام. شمل ذلك إقامة مصانع لإنتاج المعادن. وبحلول القرن الحادي عشر، انتشرت تلك المصانع في كل الولايات الإسلامية من الأندلس وشمال أفريقيا غرباً إلى آسيا الوسطى شرقاً.[30] كما أن هناك دلائل تشير إلى استخدام ما يشبه الفرن العالي في عصر الدولة الأيوبية المماليك.[31]
اخترع المسلمون أحد أشهر أنواع الصلب في العصور الوسطى وهو الصلب الدمشقي، واستخدموة في صناعة السيوف، في الفترة من عام 900 إلى عام 1750. أنتج هذا الصلب باستخدام بواتق بطريقة تشبه الطريقة الهندية، ولكنه يحتوي على الكربيدات مما يجعل السيوف أكثر كفاءة في القطع.[32]