كيمياء
الكيمياء علم المادة، وبخاصة خواصها، بنيتها، تركيبها، سلوكها، تفاعلاتها، وتداخلاتها التي تحدثها.
تسمى الكيمياء أحياناً بـ (العلم المركزي) لأنها تربط الفيزياء مع العلوم الطبيعية مثل علم الفلك والجيولوجيا وعلم الأحياء.
تدرس الفيزياء المادة أيضاً ولكنها تدرس كميات الفضاء والمادة، والقوانين التي تحكمها، والكيمياء فرع من العلوم الفيزيائية ولكنها لا تتفرع عن الفيزياء.
النظرية
تبدأ الكيمياء التقليدية بدراسة الجسيمات الأولية والذرات والجزيئات والمواد الكيميائية والبلورات وأشكال التجمعات الأخرى للمادة وفي الحالة الصلبة والسائلة والغازية معزولة عن بعضها أو متحدة مع بعضها. تنتج التآثرات والتفاعلات والتحولات التي تدرسها الكيمياء من التآثر بين مواد كيميائية مختلفة أو بين المادة والطاقة. يدرس هذا السلوك في المختبر وباستخدام أشكال مختلفة من الأدوات المختبرية.
مختبر في قسم الكيمياء الحيوية، جامعة كولونيا
التفاعل الكيميائي هو تحول بعض المواد إلى مادة أخرى أو أكثر. ويمكن استخدام الرموز للتعبير عنه بواسطة معادلة كيميائية. غالباً ما يكون عدد الذرات في طرفي المعادلة متساوياً، وتكون طبيعة التفاعلات الكيميائية والتغيرات في الطاقة التي تحدث نتيجة لهذه التفاعلات محكومة بقوانين تسمى القوانين الكيميائية، وتعد ملاحظة الطاقة والإنتروبيا من الأمور المهمة في أغلب الدراسات الكيميائية.
تصنف المواد الكيميائية حسب بنيتها، والطور بالإضافة إلى تركيبها الكيميائي. ويمكن تحليلها باستخدام أدوات التحليل الكيميائي، مثل المطيافية والاستشراب.
تاريخ الكيمياء
الكيمياء هي إحدى العلوم الطبيعية التي عرفها الإنسان ومارسها منذ وقت بعيد لا تعرف له بداية، وقد ارتبط هذا الفن منذ الحضارات القديمة بالمعادن والتعدين وصناعة الألوان والطب والدواء وبعض الصناعات الفنية كدبغ الجلود وصبغ القماش وصناعة الزجاج، وحتى طبخ الطعام قد يصاحبه تغيرات كيميائية معينة مثل نبات الكاسافا الذي زرعه الأميرنديون في فنزويلا منذ آلاف السنين قبل الميلاد، وتحتوي جذور هذا النبات على حمض الهيدروسيانيك القاتل، وقد عرف الهنود الأمريكيون القدامى هذه المادة السامة وقاموا بالتخلص منها بالتسخين الذي يحول هذا الحمض إلى مواد غير سامة. واستخدم الإنسان منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد محلول الشب وبعض الصبغات المحضرة من العفص ولحاء بعض ثمار الأشجار وأوراق نبات السماق في تلوين الجلود والقماش. وما زال استخدام الصبغة المحضرة من أوراق وثمار نبات السماق موجوداً حتى اليوم للغرض نفسه في شمال العراق والشام وتركيا وغيرها. وقد نشأت الكيمياء كغيرها من العلوم في أروقة المعابد، وكانت من الفنون الخاصة جداً، وكانت حكراً على طائفة دون غيرها هم الكهنة.
مساهمة العرب في تطوير الكيمياء
عندما فتح العرب مصر سنة (642م) ولا ريب أن أولئك الفاتحين أسهموا بقدرٍ موفور في تطوير الكيمياء، حيث يعتبرون أول من اشتغل بالكيمياء كعلم له قواعده وقوانينه، وذلك منذ القرن الثاني الهجري، وطبقوا إنتاجهم في الصيدلية بصفة خاصة. وما زال الالتحام بين شتى المفاهيم لعلوم الكيمياء القديمة ينم عن اللفظ العربي نفسه مثل (ألـ وخيمياء) وهو الشكل الإغريقي الذي يطلق على مصر. كذلك أصل كلمة كحول وهو عربي بمعنى غول وغرّبت هذه الكلمة أو حولت على اللغة الغربية بهذه الصفة. قال الله تعالي في سورة الصافات الآية(47): (لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون). واستمرت أصول الكيمياء العربية مرجعاً للغرب إبان القرون الوسطى وانتقلت ترجمات أعمالهم إلى أوروبا في القرن الثاني عشر الميلادي والتي اشتهرت بعد أن وصل الفتح العربي إلى الأندلس سنة(711م) يحمل معه المعارف العربية. وفي الجامعات العربية ببرشلونة وطليطلة تعلم طالبوا العلم من جميع أنحاء أوروبا فن الكيمياء.
الكيمياء الحديثة
أنطوان لافوازييه الملقب بأب الكيمياء الحديثة
يرجع تاريخ الكيمياء الحديثة إلى القرن السابع عشر الميلادي بأبحاث (بويل) الذي قسم الأجسام إلى مواد أولية(عناصر ومركبات ومخاليط) وتلت أبحاث (بلاك، ولافوازييه)عن الاحتراق والتأكسد ثم(برتلي) الذي اكتشف الأكسجين في الهواء، ثم(كافندش) الذي اكتشف تكوين الماء ثم (دالتون) الذي وضع النظرية الذرية عن تكون المادة وتعرّف الكيمياء الحديثة بأنها:- علم طبيعي في تكوين المادة والتغييرات التي تحدث فيها تحت تغييرات مختلفة تفقد الجسم مظهره الخاص وصفاته التي يتميز بها، إذ تتبدل مادته بأخرى ذات خواص وصفات جديدة وتوصف مظاهر المواد وسلوكها بالخواص الكيميائية، أي تعرّف بذلك وتبين تلك الخواص الكيميائية إبان التفاعلات بالمعادلات.
أصل الكلمة
تعددت الآراء حول أصل كلمة (كيمياء) ومدلولها، فقد ذكر محمد بن أحمد في مفاتيح العلوم في القرن الرابع للهجرة، أن كلمة كيمياء مشتقة من الكلمة العربية كمى ومعناها خفى وأستر، لأن هذا العلم كان متداولاً بين طائفة من الناس دون غيرها، بسبب الاعتقاد الذي سيطر على عقول الناس طيلة العصور الوسطى، وهو إمكانية تحويل المعادن البخسة إلى ذهب وفضة، وتحضير إكسير الحياة، ذلك السائل السحري الذي يعيد الصحة والشباب للإنسان، ومن ثم فقد حرص الكيميائيون القدامى على كتمان سر صنعتهم، وكتب بعض الكيميائيين العرب المتأخرىن نسبياً لا سيما بعد القرن الثاني عشر الميلادي معلومات في الكيمياء وتحويل المعادن إلى ذهب وفضة برموز وألغاز وتعمدوا الغموض والإرباك.
وهناك من يعتقد أن أصل كلمة كيمياء مصري وهي كيم أو كمت kemt ومعناها الأرض السوداء وهي تربة وادي النيل، وذلك أن الكيمياء فن مصري قديم، وكانت تعرف آنذاك بسر الكهنة أو الصناعة التحتوية (نسبة إلى تحوت أو تحوتي أو جحوتي) وهو إله الحكمة المصري القديم الذي تقول الأساطير الفرعونية أنه ألف ما بين عشرين ألف إلى ستة وثلاثين ألف مجلد في كل العلوم ومنها الكيمياء وأنه علم الكهنة سر تحويل المعادن البخسة إلى ذهب وفضة، وتحضير إكسير الحياة. وكانا ليونان يعظمون تحوت ويسمونه هرمس أو أطرسمين (عطارد) المثلث العظمة ويسمى تحوت عند العرب إدريس وعند العبرانيين أخنوخ.
ويعتقد اليونانيون أن اسقليبيوس (إله الطب عندهم) قد تعلم على يد هرمس، وقد أخذ اليونانيون فن الكيمياء عن المصريين، وانتقل منهم إلى الرومان فالمسلمين.
وهناك فريق ثالث يرى أن كلمة كيمياء مشتقة من الكلمة الإغريقية خيما Chyma بمعنى التحليل والتفريق، ويرى غيرهم أن لفظة كيمياء قد حورت عن اللفظة العبرية (شامان) وتعني السر أو الغموض.
والمرجح أن لفظة كيمياء عربية، وذلك لأن صناعة الكيمياء في العصور الوسطى كانت تعتمد على الكتمان وتحريم إذاعتها وإفضاء أسرارها لغير أهلها لكون هدفها تحويل المعادن البخسة إلى ذهب وفضة، واكتشاف الإكسير الذي يعيد الصحة والشباب إلى الإنسان، بالإضافة إلى ذلك فقد كانت الكيمياء من المعارف المغلفة بالغموض والكتمان، فقد أورد حاجي خليفة صيغة وصية كيميائي لتلميذه يحذره فيها بكتمان سر هذه الصنعة وعدم إذاعتها، لأن في إذاعتها خراباً للعالم، ويذكر هذا المعنى جابر بن حيان مراراً في رسائله وكتبه، ولهذا نجد أن ابن خلدون يهاجم أهل هذه الصنعة وكتاباتهم المليئة بالألغاز والطلسمات التي يتعذر فهمها.
تعريفات
تغير تعريف الكيمياء عبر العصور بسبب التطور الحاصل في النظريات والاكتشافات التي وسعت من مفهوم هذا العلم، وفيما يلي بعض التعريفات التي استخدمت في كتابات بعض الكيميائيين:
الكمي Alchemy: (330) هو دراسة تركيب الماء والحركة والنمو والتجسّد واستخراج الأرواح من الأجساد. (زوسيموس)
Chymistry (1661): موضوع المواد الأساسية للأجسام المتمازجة. روبرت بويل
Chymistry (1663) : فن علمي يستطيع الفرد من خلاله حل الأجسام، واستخراج المواد المختلفة المكونة لها، وكيفية دمجها مجدداً، ورفعها إلى مستوى أكثر كمالاً. (كلاسر)
Chemistry (1730) : هو فن حل الأجسام الممتزجة أو المختلطة أو المجموعة إلى أجزاءها الرئيسية، وتركيب هذه الأجسام من هذه المواد. جورج ستال
Chemistry (1837) : هو العلم الذي يهتم بالقوى الجزيئية وتأثيراتها وقوانينها. (دوماس)
Chemistry (1947) : هو علم المواد: بنيتها، خواصها، والتفاعلات التي تحولها إلى مواد أخرى لينوس باولنغ
Chemistry (1998) : هو دراسة المادة والتأثيرات تحصل عليها.