لاختراع البطارية قصة طريفة ولا يخفى على أحد أهمية البطاريات بالنسبة للراديو والأجهزة الكهربائية المحمولة وغيرها إذ هي بمثابة القلب بالنسبة للجسم وباختراع البطارية كانت الكهرباء ساكنة وباختراعها أمكن تسيير الكهرباء في الأسلاك والأجسام والاستفادة منها في الإضاءة وتوليد الحرارة وإنتاج الحركة ....الخ
ففي عام 1771 كان الدكتور الايطالي (لويجي جلفاني) أستاذ علم التشريح في جامعة بولونا بايطاليا يقوم بتشريح ضفدعة فلاحظ أنه عندما يلمس رجل الضفدعة والمشرط ترتعش فتعجب وأعاد الكرة.ولمس رجلها ثانية بالمشرط فعادت وارتعشت .فاعتقد أنها ظاهرة طبيعية تحتاج لتعليل .فتأمل فيما حوله لعله يهتدي إلى السبب فلاحظ بقربه آلة كهربائية تدار باليد فتولد شرارات بالاحتكاك.فظن أنها السبب وان شرارة مرت منها إلى رجل الضفدعة عن طريق المشرط, وعندما ابعد الآلة وجد أن الظاهرة لا زالت
فاستبعد الآلة عندما تحقق من التجربة أن رجل الضفدعة ما زالت ترتعش فاحتار وواصل البحث ولجأ إلى تجارب أخرى ظن من خلالها أن السبب هو الكهرباء الجوية حيث اخذ الضفدعة وعلقها من أرجلها بخطافات حديدية موضوعة على قضيب حديدي في حديقته فوجد أن الأرجل ترتعش عند حدوث العواصف .ولكنه وجد أنها ترتعش عند صفاء الجو أيضا ولكن الحالة الأولى بشكل كبير فاستبعد هذا أيضا ولجأ إلى وضع الضفدعة في لوح معدني من الحديد ولمسها بخطاف من النحاس فلاحظ ارتعاش رجل الضفدعة ففسر ذلك على أن الارتعاش ناتج عن اتصال معدنين مختلفين .برجل الضفدعة فأتى بساق مثنية مؤلفة من معد
نين ولمس بأحد طرفيها عصباً من ساقها فموصل مثلضفدعة ولمس بالطرف الأخر عضلة من عضلات ساقها فارتعشت الساق ارتعاشاً عنيفاً واعتقد (جلفاني)أن هذه الكهرباء ناتجة عن الكهربائية الحيوانية التي نراها في بعض الأسماك وان هناك شحنة كهربائية مستقرة على الأعصاب وشحنات من نوع مضاد مستقرة على العضلات .فإذا وصل بين الأعصاب والعضلات بواسطة موصل مثل الساق المثنية تسري الشحنات الكهربائية لتتعادل الشحنات الموجبة مع الشحنات السالبة وبسبب هذا التفريغ ترتعش ساق الضفدعة.
وقد كتب هذا الاستنتاج في كتاب نشره الدكتور (جلبرت)عام 1791 وهاهي تبدأ أبحاث الكهرباء المتحركة بعد قرنين إلا أن (جلفاني) لم يكن موفقاً في أرائه إذ تلاه من ينقها في حياته فمات كمدا سنة1798.إذ كان في ايطاليا في عهد (جلفاني) عالم طبيعي اسمه (فولتا) وكان أستاذا لعلم الطبيعة في جامعة (بافيا) وقد اهتم بأبحاث (جلفاني) وقام بمجموعة تجارب واستطاع هذا العالم أن يبرهن أن السبب في ارتعاش الضفدعة ليس عصب الضفدعة بل في وجود المعدنين المختلفين وأن أي ساقين من معدنين مختلفين بينهما سائل يمكن إذ اتصلا بسلك أن يمر فيه تيار كهربائي وليس من الضرورة رجل الضفدعة لتكوين هذا التيار وبذلك هدم تعليل مواطنه (جلفاني) وغيّر اعتقاد الناس بأن الكهرباء الحيوانية شيء عام.وأنها السبب في ارتعاش رجل الضفدعة ونجح (فولتا) في توليد هذا التيار الكهربائي بأن أخذ معدنين مناسبين وبينهما سائل .وقد اختار أقراصا من التوتياء وأخرى من النحاس ووضع بين كل قرصين من النحاس والتوتياء قرصاً من الورق البلل بالماء غير النقي أو المذاب فيه بعض الملح.وتبين له انه إذا لمس طرفي العمود بيديه شعر بهزة خفيفة مستمرة.فكأن الجهاز الجديد ينبوع مستمر للكهرباء .وهنا كانت الفرحة الكبيرة التي شعر بها (فولتا) باختراعه وأرسل خطاباً الر رئيس الجمعية الملكية بلندن يخبره باختراعه وأهميته .حيث يمكن تصنيع بطاريات من معادن مختلفة فيها سوائل مناسبة وضعها في جدول خاص نتيجة أبحاث قام بها وأن هذا الجهاز يشتعل باستمرار إذ تتجدد شحناته بعد كل تفريغ.وذات صيت (فولتا) في جميع أنحاء العالم .حيث قلّده نابليون وساماً بعد أن دعاه إلى باريس وانتخبه الأكاديمية الفرنسية والمعهد الملكي بلندن عضواً فيهما واختاره إمبراطور النمسا عام 1815 رئيساً لكلية الفلسفة في مدينة (بادوا) وتفي في مسقط رأسه (كوموه) عام 1827 عن عمر (82عام) ومن يزور بلدته سيجد في أهم ميادينها تمثالاً له وبجواره نموذج العمود الذي اخترعه وقد أطلق علماء الطبيعة في العالم عند اجتماعهم في باريس عام 1881 اسمه على الحدة العملية للقوة الدافعة الكهربائية (فولت) وأطلقوا اسمه أيضاً على بعض الأجهزة مثل مقياس الفولت .كما نال الدكتور (جلفاني) صاحب التجربة الأولى كل التقدير.حيث أصدرت الحكومة الايطالية طابعاً تذكارياً وضعت عليه صورة (جلفاني) بمناسبة مرور مائتي عام عليه.وكذلك اتخذ مؤتمر مرور مائتي عام على وفاة(وفاة جلفاني)