لعلنا نعلم أن الأرض تدور حول الشمس بسبب قوة الجاذبية التي تؤثر بها الشمس على الأرض. وقد تمكن نيوتن من معالجة هذا النوع من الحركة بنجاه بعد اكتشافه لقانون الجاذبية. ولكن هل تساءلت يوماً ما عن قوة الجاذبية التي تؤثر بها الأرض على الشمس؟ الواقع أنه لقياس هذه القوة مباشرة يجب ان تجري القياسات على سطح الشمس؟ الواقع أنه لقياس هذه القوة مباشرة يجب ان تجري القياسات على سطح الشمس نفسها ، وهذا مستحيل طبعاً ولكن لحسن الحظ يمكن تقدير قيمة مثل هذه القوة بعيدة المثال باستخدام قانون آخر لنيوتن هو قانون الفعل ورد الفعل.
ادفع الحائط بإصبعك وستجد ان الحائط يدفع إصبعك إلى الخلف. وكمثال آخر، لندرس ما يحدث عندما تركل كرة القدم. في هذه الحالة يؤثر قدمك بقوة معينة على الكرة ، ولكنك تشعر أيضاً بأن الكرة تؤثر على قدمك بقوة في الاتجاه المضاد. كذلك فإن جسماً موضوعاً على منضدة يدفعها إلى أسفل بينما المنضدة تدفعه إلى أعلى.
وقد قام نيوتن بدراسة العديد من مثل هذه المواقف وتوصل بعدها إلى استنتاج كمي هو قانون نيوتن الثالث.
إذا أثر جسم A بقوة قدرها F على جسم آخر B فإن B يؤثر بقوة F على الجسم A ، وهذه القوى تساوي F في المقدار وتضادها في الاتجاه.
وتسمى إحدى هاتين القوتين (أي واحدة منهما) بقوة الفعل وتسمى الأخرى قوة رد الفعل ، وينص القانون الثالث على أن قوة رد الفعل مساوية تماماً لقوة الفعل في المقدار ومضادة لها في الاتجاه. بل إن هذا القانون يعني أكثر من ذلك إذ أنه يفيدنا أن هاتين القوتين تؤثران على جسمين مختلفين ، فقوة الفعل يؤثر بها جسم على آخر، بينما الجسم الثاني يؤثر على الأول رد الفعل المعاكسة.
بناء على القانون الثالث يمكننا القول أن قوة الفعل وقوة رد الفعل متساويتان في المقدار ومتضادتان في الاتجاه في كل من الأمثلة المذكورة بالجدول 1)). تذكر أن قوة الفعل ورد الفعل تؤثر على أجسام مختلفة. هذا وسوف نستخدم هذا القانون من آن إلى آخر لاستنتاج القوة المؤثرة على جسم ما عندما تكون القوة المؤثرة على جسم آخر معلومة.
لإيضاح القانون الثالث افترض ان سيارة ركوب قد اصطدمت بشاحنة نصف مقطورة ، على أي السيارتين تكون الصدمة " أشد " ، أي ذات قوة أكبر؟ عندما يشاهد غالبية الناس نتائج هذا التصادم فإنهم يستنتجون أن صدمة سيارة الركوب أشد بالتأكيد. لكن قانون نيوتن الثالث يقرر أن القوة التي أثرت بها سيارة الركوب على الشاحنة مساوية في المقدار ( ومضادة في الاتجاه) للقوة التي أثرت بها الشاحنة على السيارة. كيف يمكننا إزالة التضارب بين هذين الاستنتاجين؟
أولاً ، إن لغتنا اليومية كثيراً ما تقصر عن التعبير عن المعاني بالضبط. فبالرغم من أننا نظن أننا نفهم عبارة " تصطدم بقوة أشد " بالضبط ، إلا أنها تخلط بين قوة الصدمة ونتيجتها ، بمعنى أننا نفترض أن الضرر الأشد تسببه قوة أكبر. ولكي نفهم ما الذي يحدد الضرر حقيقة لننظر إلى قانون في صورة أخرى: فالعلاقة F = am يمكن كتابتها على الصورة:
a = F/m
إن من مميزات هذه الصورة أنها تبين كيف تتعين النتيجة (العجلة) بالسبب (القوة) فعند تطبيق قوتين متساويتين على جسمين تتعين النتيجة بكتلتي الجسمين. هذا يعني أن عجلة الجسم الأكبر كتلة تكون أقل من عجلة الجسم الأصغر كتلة. وعليه فإن سرعة الشاحنة تعاني تغيراً صغيراً نسبياً أثناء التصادم حيث تقل هذه السرعة قليلاً ولكن السيارة تستمر في الحركة في نفس الاتجاه. أما سيارة الركوب الخفيفة ، بالرغم من أنها قد صدمت بنفس القوة ، فسوف تتغير سرعتها تغيراً كبيراً ، حيث لن تسبب الصدمة توقف السيارة فقط ، بل إنها ستدفعها بشدة في عكس اتجاه الحركة. هذه العجلة الهائلة تسبب إجهاداً عالياً جداً على هيكل السيارة وتؤدي بالتالي إلى أضرار أشد كثيراً للسيارة مقارنة بالشاحنة ، ولذلك يبدو أنها قد عانت صدمة أشد من الشاحنة .