بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ
الحبيب أبو عبد الرحمن المقدسي: لمست فيك صدقا وأمانة هي من شيم أهل الخير
الباحثين حقيقةً عن الحقيقة فأحببت
أن أطلعك على قصتي في هذا البحث, وأراك تردد نفس تساؤلاتي يوم أثارتني عبارة مؤداها
"عند الله تعالى اليوم كذا وعندنا كذا" وكأن الحديث عن أنداد, وإنما
العندية في حق الذات العلية تعني التقدير في سياق يتعلق بأمر يسري في الكون المحسوس
الممكن الإدراك, وهو إذن أمر تكويني مقدر المسير وقطع المسافات بحيث يقطع في يوم
ما يُقطع في ألف سنة بسير ما تقوم على سيره السنة في عرف أوائل المخاطبين وهو
القمر؛ هذا هو خلاصة ما فهمته بعد تأمل أقوال
المفسرين, وبالحساب فرضت نفسها القيمة المعروفة حاليا لسرعة القوى الفيزيائية
جميعا والمتعارف عليها بسرعة الضوء
كأعلى سرعة مقاسة ثابتة التقدير في الكون المحسوس المعبر عنه بالسماء فوقنا والأرض
هذه التي نقطن عليها؛ يعني باستبعاد كل ما يخص العالم الغيبي أو المعجزات,
وهذا ليس قيدا على طلاقة القدرة وإنما بيانا للتقدير استبعادا للفوضى وشهادة
للنبوة الخاتمة, وهذا الأمر السابق التقدير الثابت التدبير وارد في النظم مفعولا
به بيانا إلى أنه المأمور به عند بدء
خلق العالم؛ أي المادة الأولية لكل تكوين في العالم المادي المحسوس, وهو ما يسميه
الفيزيائيون القوى الفيزيائية؛ والعجيب أن إفراد لفظ "الأمر" يوافق تماما
ما يسعى العلم حاليا لإثباته من أن كل القوى الفيزيائية أصلها قوة واحدة برهانًا
على وحدانية الخالق, قال الألوسي: "الأمر راجع إلى المراد لا إلى الإرادة..
أي الأشياء المرادة المكونة", وقال ابن تيمية: "وفي لغة العرب
التي نزل بها القرآن أن يسمى.. المخلوق خلقا لقوله تعالى هذا خلق الله.. ولهذا
يسمى المأمور به أمرا"..,"ولفظ الأمر يراد به.. المفعول.. كما قال
تعالى: (أتى أمر الله) .. فهنا
المراد به المأمور به وليس المراد به أمره الذي هو كلامه".., "فإذا قيل
في المسيح أنه كلمة الله فالمراد به أنه خُلِقَ بكلمة.. (كن).. وكذلك إذا قيل عن
المخلوق أنه أمر الله فالمراد أن الله كونه
بأمره".., "وهذا قول سلف الأمة وأئمتها وجمهورها"..,"وبهذا
التفصيل يزول الاشتباه في مسألة الأمر",